كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم ، قال : ويحك لم تصنع شيئا ، قدمت بيضة هوازن في نحور الخيل ، وهل يرد وجه المنهزم شئ ، إنها إن كانت لك لم ينفعك إلارجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ، قال : إنك قد كبرت و كبر عقلك ، فقال دريد : إن كنت قد كبرت فتورث غدا قومك ذلا بتقصير رأيك وعقلك ، هذا يوم لم أشهده ولم أغب عنه ، ثم قال : حرب عوان.
يا ليتني فيها جذع |
|
أخب فيها وأضع(١) |
قال جابر : فسرنا حتى إذا استقبلنا وادي حنين ، كان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي ومضايقه ، فماراعنا إلا كتائب الرجل بأيديها السيوف والعمدوالقنى فشدوا علينا شدة رجل واحد ، فانهزم الناس راجعين لايلوي أحد على أحد ، وأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين ، وأحدق ببغلته تسعة من بني عبدالمطلب ، وأقبل مالك ابن عوف يقول : أروني محمدا ، فأروه فحمل على رسول الله (ص) ، وكان رجلا أهوج فلقيه رجل من المسلمين فالنقيا فقتله مالك ، وقيل : إنه أيمن بن أم أيمن ، ثم أقدم فرسه فأبى أن يقدم نحو رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وصاح كلدة بن الحنبل(٢) وهو أخو صفوان بن أمية لامه وصفوان يومئذ مشرك : ألا بطل السحر اليوم ، فقال صفوان : اسكت فض الله فاك ، فوالله لان يربني(٣) رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.
قال محمد بن إسحاق : وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبدالدار : اليوم أدرك ثاري ـ وكان أبوه قتل يوم أحد ـ اليوم أقتل محمدا ، قال : فأدرت برسول الله لاقتله ، فأقبل شئ حتى تغشى فؤادي ، فلم أطق ذلك فعرفت أنه ممنوع. وروى عكرمة عن شيبة قال : لما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم حنين قد عري ذكرت أبي وعمي وقتل علي وحمزة إياهما ، فقلت : أدرك ثأري اليوم من محمد فذهبت لاجيئه عن يمينه فاذا أنا بالعباس بن عبدالمطلب قائما عليه درع بيضاء
____________________
(١) تقدمت قصته مفصلا. (٢) ويقال : جبلة بن الحنبل أيضا.
(٣) أى يكون لى ربا وملكا.