ذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه ، فما معنى ضم الابناء والنساء؟ قلت : ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله ، واستيقانه بصدقه ، حيث استجرأ على تعريض أعزته ، وأفلا ذكبده ، وأحب الناس إليه لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستيصال إن تمت المباهلة ، وخص الابناء والنساء لانهم أعز الاهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ، ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق ، وقد مهم في الذكر على الانفس لينبه على لطف مكانهم ، وقرب منزلتهم وليؤدن بأنهم مقدمون على الانفس ، مفدون بها ، وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهمالسلام ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلىاللهعليهوآله ، لانه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك انتهى(١). وروى إمامهم الرازي في تفسيره الروايتين في المباهلة والكساء مثل مارواه الزمخشري إلى قوله « ويطهركم تطهيرا » ثم قال : واعلم أن هذه الرواية كأنها متفق(٢) على صحتها بين أهل التفسير والحديث ثم قال : هذه الآية دلت على أن الحسن والحسين عليهماالسلام كانا ابني رسول الله (ص) ثم قال كان في الري رجل يقال له : محمود بن الحسن الخصيمي(٣) ، وكان متكلم الاثنى عشرية ، وكان يزعم أن عليا عليهالسلام أفضل من جميع الانبياء سوى محمد (ص) ، قال : والذي يدل عليه قوله تعالى : « وأنفسنا وأنفسكم » وليس المراد بقوله : « وأنفسنا » نفس محمد صلىاللهعليهوآله لان الانسان لا يدعو نفسه ، بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب عليهالسلام فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد أن هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك
____________________
(١) الكشاف ١ : ٢٨٢ و ٢٨٣. (٢) في المصدر : كالمتفق على صحتها
(٣) الصحيح كما في المصدر : الحمصى والرجل هو الامام سديد الدين محمود بن على بن الحسن الحمصى الرازى ترجمه منتجب الدين في فهرسته وبالغ في الثناء عليه.