فأي أيامنا(١) تنكر ، أم لايها ويك تلمز(٢)؟ فما أتى على أخر كلامه حتى انتظم نصل نبلة كانت في يده بكفه غيظا وغضبا وهو لا يشعر ، فلما أمسك كرز بن سبرة أقبل عليه العاقب واسمه عبد المسيح بن شرجيل(٣) وهو يومئذ عميد القوم وأمير رأيهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون جميعا إلا عن قوله ، فقال له : أفلح وجهك ، و أنس ربعك وعز جارك ، وامتنع ذمارك ، ذكرت وحق مغبرة(٤) الجباه حسبا صميما وعيصا(٥) كريما وعزا قديما ، ولكن أبا سبرة! لكل مقام مقال ، ولكل عصر رجال والمرء بيومه أشبه منه بأمسه ، وهي الايام تهلك جيلا ، وتديل قبيلا(٦) ، والعافية أفضل جلباب ، وللآفات أسباب ، فمن أو كد أسبابها التعرض لابوابها. ثم صمت العاقب مطرقا فأقبل عليه السيد واسمه أهتم بن النعمان وهو يومئذ أسقف نجران وكان نظير العاقب في علو المنزلة ، وهو رجل من عاملة وعدادة في لخم ، فقال له : سعد جدك وسما جدك أبا وائلة(٧)! إن لكل لا معة ضياء ، وعلى كل صواب نورا ، ولكن لا يدر كه وحق واهب العقل إلا من كان بصيرا ، إنك أفضيت و هذان فيما تصرف بكما(٨) الكلمة إلى سبيلي حزن وسهل ، ولكل على تفاوتكم حظ من الرأي الربيق(٩) ، والامر الوثيق إذا أصيب به مواضعه ، ثم إن أخا قريش قد نجدكم(١٠) لخطب عظيم ، وأمر جسيم ، فما عند كم فيه قولوا. وأنجزوا ، أبخوع وإقرار ، أم نزوع؟ قال عتبة. الهدير والنفر من أهل نجران : فعاد كرز بن سبرة بكلامه وكان كميا أبيا ، فقال : أنحن نفارق دينا رسخت عليه عروقنا ، و مضى عليه آباؤنا ، وعرف ملوك الناس ، ثم العرب ذلك(١١) ، أنتها لك إلى ذلك ، أم نقر بالجزية ، وهي الخزية حقا؟ لا والله حتى نجر دالبواتر من أغمادها ، و
____________________
(١) ينكر خ ل. (٢) نلمز خ ل. (٣) شرحبيل خ ل.
(٤) مغير الحياة خ ل. (٥) عصبا خ ل.
(٦) أى تنزع الدولة من قبيلة وتحولها إلى اخرى. (٧) ابا واثلة خ ل.
(٨) في نسخة من المصدر : بكم. (٩) الرتيق خ
(١٠) استنجدكم خ. (١١) في المصدر : ثم العرب ذلك منا.