في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد ، فهل سمعت في ذلك شيئا؟ فقلت : لا ، فقالوا : فسل لنا أباك عن ذلك ، فإنه يسمر(١) معه ، فسألته فقال ما سمعت في ذلك شيئا ، فدخل على علي عليهالسلام فسمر معه فسأله عن ذلك ، فقال : أو ما شهدت معنا خيبر؟ قلت : بلى ، قال : أو ما رأيت رسول الله (ص) حين دعا أبابكر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم ثم جاء بالناس وقد هزموا(٢)؟ فقال : بلى ، قال : ثم بعث إلى عمر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لاعطين الرأية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، كرارا غير فرار » فدعاني فأعطاني الراية ، ثم قال : « اللهم اكفه الحر والبرد » فما وجدت بعد ذلك حرا ولا بردا.
وهذا كله منقول من كتاب دلائل النبوة للامام أبي بكر البيهقي.
ثم لم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله يفتح الحصون حصنا فحصنا ويحوز الاموال حتى انتهوا إلى حصن الوطيح والسلالم ، وكان آخر حصون خيبر افتتح ، وحاصرهم رسول الله بضع عشر ليلة.
قال ابن إسحاق : ولما افتتح القموص : حصن ابن أبي الحقيق أتي رسول الله صلىاللهعليهوآله بصفية بنت(٣) حي بن أخطب ، وبأخرى معها ، فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى اليهود(٤) فلما رأتهم التي معها صفية صاحت وصكت وجهها ، وحثت التراب على رأسها ، فلما رآها رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « أعزبوا(٥) عني هذه الشيطانة » وأمر بصفية فحيزت خلفه ، وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أنه قد اصطفاها لنفسه ، وقال صلىاللهعليهوآله لبلال لما رأى من نلك اليهودية ما رأى : « أنزعت منك الرحمة يا بلال حيث تمر بامرأتين على قتلى رجالهما »؟.
وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق
____________________
(١) اى يتحدث معه بالليل.
(٢) في المصدر : وقد هزم.
(٣) حيى خ ل أقول : هذا هو الصحيح كما في المصدر والسيرة
(٤) في المصدر والسيرة : من قتلى يهود. (٥) أى باعدوا.