ثالثها : يوم استشهد ابن عمّه جعفر ، وزيد بن حارثة ، وعبد الله بن رواحة في مؤتة. (١)
رابعها : يوم مات ولده ابراهيم إذ بكى عليه. فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله!
قال : يا بن عوف ، انّها رحمة (٢) ثم اتبعها ـ يعني عبرة ـ باُخرى فقال صلىاللهعليهوآله : انّ العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول الاما يرضي ربّنا ، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
خامسها : يوم زار صلىاللهعليهوآله قبر اُمّه آمنة ، فبكى وأبكى من
__________________
محاسن عمّه بما يهيج الحزن واللوعة عليه.
وقال ابن عبد البر في ترجمة حمزة من الاستيعاب : لمّا رأى النبي صلىاللهعليهوآله حمزة قتيلاً بكى ، فلما رأى ما مثّل به شهق.
وذكر المؤرّخون : انّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يومئذ إذا بكت صفيّة يبكي ، وإذا نشجت ينشج ، قالوا : وجعلت فاطمة تبكي ، فلمّا بكت بكى رسول الله.
وهذا الحديث حجّة من جهة جواز البكاء من جهة أنّه بكى صلىاللهعليهوآله ، ومن جهة أنّه أقرّ صفيّة والزهراء على بكائهما ، على انّ مجرّد بكاء سيّدة النساء حجّة قاطعة.
١ ـ قال رحمهالله : ذكر ابن عبد البر في أحوال جعفر من استيعابه : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله بكى على جعفر وزيد وقال ـ يندبهما : ـ : أخواي ومؤنساي ومحدّثاي.
وأخرج البخاري في أبواب الجنائز من صحيحه : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نعى جعفراً وزيداً وابن رواحة وانّ عينيه لتذرفان.
٢ ـ قال رحمهالله : أخرجه البخاري في باب قول النبي صلىاللهعليهوآله : إنّا بك لمحزونون ، من أبواب الجنائز ... ولا يخفى ما في تسميتها رحمة من الدلالة على حسن البكاء ، وأراد بقوله : انّ العين تدمع ... إلى آخره : أن لا إثم بدمع العين وحزن القلب ، وانّما الاثم بقول ما يسخط الربّ ، كالاعتراض عليه عزّ وجل.