أمّا الجلوس لذكرى ما أصاب الأئمّة في سبيل مصالح الاُمّة ، فيبعث فيها روح الايمان والهدى ، ويأخذ بقلوبها إليهم ، وان بعُد العهد وطال المدى.
وقـول اللائميـن : بأنّه لا يحسن الجلوس حزناً على الميّت إذا تقادم العهد بموته (١) لا يتمّ في فجائعنا بأهل البيت ، حيث لا يتلاشى الحزن عليهم مهما تقادم العهد بهم ، بل لا تخبو زفرة تلك الفجائع ، ولا تخمد لوعة هاتيك القوارع ، ما بقي الزمان ، وكر الجديدان ، فقربُ العهد بها وبعده عنها سيان ، وما أولى هذا اللائم ، بقول بعض الأعاظم :
خلي اُميمـة عـن ملا |
|
مك ما المعزّي كالثكول |
ما الراقد الوسنان مثـ |
|
ـل معذب القلب العليل |
سهران من ألـم وهـ |
|
ـذا نائـم الليل الطويل |
ذوقـي اُميمة ما أذو |
|
ق وبعده ما شئت قولي |
ورحم الله القائل :
ويل قلبي الشجي ممّا يعاني |
|
من ملام الخلي طعناً ووخزا |
ولو علم اللائم الأحمق بما في حزننا على أهل البيت من النصرة لهم ، والحرب الطاحنة لأعدائهم ، لخشع أمام حزننا الطويل ، ولأكبر الحكمة المقصودة من هذا النوح والعويل ، ولأذعن للأسرار في استمرارنا على ذلك في كل جيل ،
__________________
١ ـ قال رحمهالله : أخرج الإمام أحمد في ص ٢٠١ من الجزء الأول من مسنده من حديث الحسين عليهالسلام عن جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وان طال عهدها فيحدث لذلك استرجاعاً الا جدّد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم اُصيب بها.
وروى ابن ماجة وأبو يعلى عنه هذا الحديث أيضاً كما في ترجمته عليهالسلام من الاصابة.