للتقية التي كانوا عليها ، والحال التي آل أمرهم بعد النبي صلىاللهعليهوآله إليها ، فهو في ذلك كأبيه أمير المؤمنين حيث يقول : وصفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ـ إلى أن قال : ـ فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شذى ، أرى تراثي نهباً. (١)
__________________
أمصارها تابعين له ، وبعد قتل عثمان وولاية علي عليهالسلام وجّه له لفوره بعزله ، وعلم معاوية قبل وصول البريد ، فنادى بثأر عثمان واتهم علياً بدمه ونشبت الحروب الطاحنة واستعمل معاوية الخديعة والمكر ، مات معاوية في دمشق سنة ٦٠ هـ وعهد بالخلافة إلى ابنه يزيد.
انظر : تاريخ الطبري ٦ : ١٨٠ ، تاريخ ابن الأثير ٤ : ٢ ، البدء والتاريخ ٦ : ٥.
١ ـ فلقد صبر أمير المؤمنين عليهالسلام على اغتصاب الخلافة وظلم الزهراء عليهاالسلام وتحريف دين الله وسنّة نبيّه ، ولذا جاءت خطبته الشقشقية تعبيراً عن حالة الظلم التي تعرض لها البيت النبوي بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله ، ونظراً لأهمية الخطبة نحن نوردها كاملة.
يقول الإمام علي عليهالسلام : « اما والله لقد تقمصها فلان ( وفي نسخة ابن أبي قحافة ) وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحا. ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً. وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه! فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجاً ، أرى تراثي نهباً ، حتّى مضى الأول لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان ( وفي نسخة ابن الخطاب ) بعده. ثم تمثل بقول الاعشى :
شتّان ما يومي على كورها |
|
ويوم حيّان أخي جابر |
فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ـ لشدّ ما تشطّرا ضرعيها! ـ فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ، ويخشن مسها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصّعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحّم ، فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس. وتلوّن واعتراض ، فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة ، حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم. فيالله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر! لكنّى أسففت إذ أسفوا ، وطرت إذ طاروا ، فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هنٍ وهنٍ ، إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه ، بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة الربيع ، إلى أن انتكث عليه فتله ، وأجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته!