أحداً يلقي الله بدم الحسين عليهالسلام الا وهو خفيف الميزان يوم القيامة ، لا ينظر الله إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم.
فأقام الحسين عليهالسلام في منزله تلك الليلة ، وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستّين.
فما أصبح ـ بأبي واُمّي ـ خرج يستمع الأخبار فلقيه مروان فقال : يا أبا عبد الله إنّي لك ناصح ، فاطعني ترشد.
فقال الحسين عليهالسلام : وما ذاك؟ قل حتى أسمع.
فقال : إنّي آمرك ببيعة يزيد فانّه خير لك في دينك ودنياك!
فقال عليهالسلام : إنّا لله وإنّا إليه راجعون على الاسلام السلام إذا قد بليت الاّمّة براع مثل يزيد .. وطال الحديث بينهما حتى ولّى مروان وهو غضبان.
فلمّا كان آخر يوم السبت بعث الوليد برجاله إلى الحسين ليحضر فيبايع.
فقال له الحسين عليهالسلام : أصبحوا ثمّ ترون ونرى.
فكفّوا عنه ولم يلحّوا عليه.
فخرج ـ بأبي واُمّي ـ من تحت ليلته وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجّهاً نحو مكّة ومعه بنوه وبنو أخيه واخوته وجلّ أهل بيته ، سار من المدينة وهو يقرأ : « فخرج منها خائفاً يترقّب قال ربّ نجّني من القوم الظالمين » (١).
ولزم الطريق الأعظم ، فسئل أن يتنكّب الطريق كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقه الطلب فأبى وقال : لا اُفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض ، وكان دخوله
__________________
١ ـ سورة القصص : ٢١.