فأتوه ووقفوا عشيةً على باب داره ، فقالوا له : ما يمنعك من لقاء الأمير ، فإنّه ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاكٍ لعُدته؟
فقال : الشكوى تمنعني.
فقالوا : [ إنّه ] قد بلغه جلوسك كلّ عشيّة على باب دارك ، وقد استبطأك ، والإبطاء والجفاء لا يتحمّله السلطان من مثلك ، لانّك سيّد قومك ، ونحن نقسم عليك الاركبت معنا.
وما زالوا به حتى غلبوه على رأيه ، فدعا بثيابه فلبسها ، ثم دعا ببغلته فركبها ، فلمّا دنا من القصر أحسّ ببغض الذي كان ، فقال لحسّان بن أسماء بن خارجة :
يا بن أخي إنّي والله لخائف من هذا الرجل فما ترى؟
فقال : والله يا عم ما أتخوّف عليك شيئاً ، فلا تجعل على نفسك سبيلاً ، ولم يكن حسّان يعلم الذي أضمر ابن مرجانة لهاني.
فجاءه رحمهالله تعالى والقوم معه حتى دخلوا جميعاً على ابن زياد ، فلمّا رأى هانياً قال : أتتك بخائن (١) رجلاه. ثمّ تمثّل فقال :
اُريد حياته ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد (٢) |
__________________
١ ـ كذا في الأصل والمصادر ، والظاهر أنّ الصحيح : حائن ، وهو الذي حان حينه وهلاكه ، راجع مجمع الأمثال للميداني.
٢ ـ هذا البيت لـ « عمرو بن معدي كرب الزبيدي » وهو فارس اليمن وصاحب الغارات المذكورة ، وفد على المدينة سنة ٩ هـ في عشرة من بني زبيد فأسلم وأسلموا ، يكنى أبا ثور ، توفي على مقربة من الري سنة ٢١ هـ ؛ وقيل : قتل عطشاً يوم القادسية. انظر : الاصابة رقم ( ٥٩٧٢ ) ، خزانة الأدب ١ : ٤٢٥ ـ ٢٤٦ ، الأعلام ٥ : ٨٦.