وحدّث جماعة من فزارة وبجيلة ، قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي (١) حين أقبلنا من مكّة فكنّا نساير الحسين عليهالسلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله في منزل فإذا نزل منزلاً لم نجد بدّاً من أن ننازله فيه ، كنّا ننزل في جانب غير الجانب الذي ينزل فيه الحسين عليهالسلام.
فبينا نحن جلوس نتغذّى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين عليهالسلام حتى سلّم ، ثمّ قال :
__________________
١ ـ زهير بن القين البجلي ، وبجيلة هم بنو أنمار بن أراش بن كهلان من القحطانيّة ، شخصية بارزة في المجتمع الكوفي ، وكان له يوم عاشوراء شرف القتال إلى جانب الحسين بن علي عليهالسلام ، وقد أبدى شجاعة منقطعة النظير في سوح الوغى ، كان في بداية أمره مؤيّداً لأنصار عثمان. إلا انّ حسن حظّه جعل له حسن العاقبة ليكون من شهداء كربلاء الأجلاء.
ولمّا اغلق جيش الحر الطريق على الإمام ، استأذن زهير الإمام الحسين وتكلّم معهم ، ثم عرض على الامام مقاتلتهم إلا انّه لم يوافق على رأيه.
وتحدث في يوم عاشوراء معلناً عن موقفه القاطع في مناصرة الحسين ، واستعداد للبذل في سبيله وقال : لو اقتل ألف مرّة ما تركت نصرة ابن رسول الله.
وفي يوم العاشر من محرّم جعله الحسين عند تعبئة عسكره على الميمنة ، وزهير أول من خطب بالقوم بعد الحسين ، وهو يحمل سلاحه ، وابلغ لهم في النصح ، فرماه الشمر بسهم ، وجرى حوار بينه وبين الشمر.
وفي ظهيرة يوم العاشر وقف هو وسعيد بن عبد الله يقيان الإمام من السهام حتى ينهي صلاته. وبرز بعدها إلى القتال ، وقاتل قتال الأبطال وكان حينها يرتجز قائلاً :
انا زهير وانـا ابـن القين |
|
اذودكم بالسيف عن حسينِ |
انّ حسيناً أحد السبطـيـن |
|
من عترة البرّ التقي الزينِ |
ذاك رسول الله غير المين |
|
اضربكم ولا ارى من شينِ |
يا ليت نفسي قسمت قسمين
انظر : تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٦ ـ ٣٩٧ و ٦ : ٤٢ و ٤٢٢ ، رجال الشيخ : ٧٣ ، أنصار الحسين : ٨٨ ، أعيان الشيعة ٧ : ٧٢.