ورآهما يُجران في السوق بأرجلهما :
فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون رحمة الله عليهما يردّد ذلك مراراً.
ثم انتظر حتى إذا كان السحر ، قال لفتيانه وغلمانه : اكثروا من الماء ، فاستقوا وأكثروا ، ثم ارتحلوا. (١) فسار حتى انتهى إلى زبالة ، فأتاه خبر عبد الله بن يقطر ، فأخرج إلى الناس كتاباً قرأ عليهم وفيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد : فانّه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس معه ذمام.
فتفرّق الناس عنه ، وأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وانّما فعل ذلك لأنّه عليهالسلام علم أنّ الأعراب الذين اتّبعوه إنّما اتّبعوه لأنّهم ظنّوا أنّه يأتي بلداً استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما يقدمون.
ثم صار حتى مرّ ببطن العقبة (٢) فنزل عليها ، فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له عمر بن لوذان ، فسأله : أين تريد؟
فقال عليهالسلام : الكوفة.
__________________
١ ـ الكامل لابن الأثير ٤ : ١٦.
٢ ـ اسم منزل على الطريق بين مكة والكوفة ، ويقع قريباً من الكوفة وهو لفرع من قبيلة بني أسد ، مرّ به الإمام الحسين عليهالسلام عند مسيره إلى الكوفة ، وفيه قصر ومسجد وماء وعمران تنزل فيه القوافل للاستراحة. انظر : الحسين في طريقه إلى الشهادة : ٨٠.