قال : يا ابن عوف ، انّها رحمة (١) ثم اتبعها ـ يعني عبرته ـ باخرى ، فقال : انّ العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول (٢) الاما يرضي ربّنا ، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. (٣)
ومنها : يوم ماتت إحدى بناته صلىاللهعليهوآله ، إذ جلس على قبرها ( كما في صفحة ١٤٦ من الجزء الأول من صحيح البخاري ) وعيناه تدمعان. (٤)
ومنها : يوم مات صبي لإحدى بناته ، إذ فاضت عيناه يومئذ ( كما في الصحيحين وغيرهما ) فقال له سعد : ما هذا ، يا رسول الله؟
__________________
١ ـ قال رحمهالله : لا يخفى ما في تسميتها رحمة من الدلالة على حسن البكاء في مثل المقام.
أقول : قوله صلى الله عليه وآله : انّها رحمة ؛ أي والرحمة نعم الفعل ، ونعمت الصفة ، وليس سخطاً لقضاء الله حتى تكون مذمومة ، وما كان ينبغي أن يقال لرسول الله صلى الله عليه وآله ذلك ، وهو القدوة في أقواله وأفعاله وسكوته ومقاله ، والله تعالى يقول : « وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » [ سورة الحشر : ٧ ].
٢ ـ قال رحمهالله : أراد بهذا انّ الملامة والاثم في المقام انّما يكونان بالقول الذي يسخط الرب عزّ وعلا ، كالاعتراض عليه والسخط لقضائه لا بمجرّد دمع العين وحزن القلب.
٣ ـ صحيح البخاري ٢ : ١٠٥.
وروي بأسانيد وألفاظ متفاوتة ، انظر : التعازي للمدائني : ١٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٠٦ ح ١٥٨٩ ، الكامل للمبرّد ٣ : ٢٦٣ ، العقد الفريد ٣ : ٢٣٤ ، دعائم الاسلام ١ : ٢٢٨ ح ٧٩٢ ، تحف العقول : ٣٧ ، بحار الانوار ٨٢ : ٩١ و ١٠٠ و ١٠١.
٤ ـ قال القسطلاني ( ارشاد الساري ٢ : ٤٢٥ ) : هي امّ كلثوم زوج عثمان.
وأخرج النسائي في سننه ( ١ : ٢٦٢ ) عن ابن عباس قال : لمّا حضرت بنت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صغيرة فأخذها فضمّها الى صدره ثم وضع يده عليها ، فقضت وهي بين يديه ، فبكت امّ أيمن فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يا اُمّ أيمن ، أتبكين ورسول الله صلىاللهعليهوآله عندك؟
فقالت : ما لي لا أبكي ورسول الله صلىاللهعليهوآله يبكي.
فقال : انّي لست أبكي ، ولكنّها رحمة.