فقال : هذا نبي وهو آخر الأنبياء وخاتم الرسل. (١)
وكان منه ما قد تواترت به الأخبار ، واشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار.
ولمّا هدمت الكعبة بالسيل بنتها قريش فرفعت سمكها ، وتأتي لها ما أرادت في بنيانها من الخشب الذي ابتاعوه من السفينة التي رمى بها البحر إلى ساحلهم ، وكان قد بعث بها ملك الروم من القلزم من بلاد مصر إلى الحبشة لتبنى هنالك له كنيسة ، وانتهت قريش إلى موضع الحجر الأسود وتنازعوا أيّهم يضعه ، فاتّفقوا على تحكيم الصادق الأمين محمد صلىاللهعليهوآله وكان يعرف عندهم جميعاً بالأمين ، وكانوا على اختلاف مشاربهم ونزعاتهم وضغائنهم ، واعجاب كلّ قبيلة من قبائلهم بنفسها مجمعين على حبّه وأمانته وعدالته في كلّ شؤونه ، فحكموه فيما تنازعوا فيه ، وانقادوا إلى قضائه.
فبسط رداءه وأخذ الحجر فوضعه في وسطه ، ثم قال لأربعة من زعماء قريش ، وأهل الرياسة فيها ـ وهم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزّى بن قصي ، وأبو حذيفة بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم ، وقيس بن عدى السهم ليأخذ كلّ واحد منكم بجنب من جنبات هذا الرداء ، فشالوه حتى ارتفع ودنا من موضعه فأخذه صلىاللهعليهوآله ووضعه في مكانه وقريش كلّها حضور.
فقال قائل لمن حضر من قريش متعجّباً من فعلهم وانقيادهم إلى أصغرهم سنّاً : « واعجباً لقوم أهل شرف ورياسة كهولاً وشيوخاً عمدوا إلى أصغرهم سنّاً
__________________
١ ـ انظر قصّة ولادة الرسول صلىاللهعليهوآله في : الفضائل لابن شاذان ٢٠ ، تاريخ بغداد ٣ : ٣ ـ ٢١ ، بحار الأنوار ١٥ : ١٤٦ ح ٨ ، وص ٢٨١ ح ١٧ ، وص ٣٤١ ح ١٣.