ثم أقبل علي عليهالسلام فرآه وقال له : إليّ إليّ ، وأجلسه إلى جانبه الأيمن.
فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما ترى واحداً من هؤلاء الا وبكيت أوَ ما فيهم من تسرّ برؤيته؟
فقال : والذي بعثني بالنبوّة على جميع البرية ما على وجه الأرض نسمة أحب إليَّ منهم ، وانّما بكيت لما يحل بهم بعدي وما يصنع بهذا ولدي الحسين كأنّي به ، وقد استجار بحرمي وقبري فلا يجار ثمّ يرتحل إلى أرض مقتله ومصرعه أرض كرب وبلاء تنصره عصابة من المسلمين ، اولئك سادة شهداء اُمّتي يوم القيامة ، فكأنّي انظر إليه وقد رمي بسهم فخرّ عن فرسه صريعاً ثمّ يذبح كما يذبح الكبش مظلوماً.
ثم انتحب صلىاللهعليهوآلهوسلم وبكى من حوله وارتفعت أصواتهم بالضجيج ثم قام وهو يقول :
اللهم انّي أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي.
والمسلمـون بمنظـرٍ وبمسمعٍ |
|
لا منكـر منهـم ولا متفجـّع |
كحلت بمنظرك العيـون عماية |
|
وأصم رزؤك كـلّ اذن تسمع |
أيقظت أجفاناً وكنت لها كرى |
|
وأنمت عيناً لم تكن بك تهجع (١) |
__________________
١ ـ معجم الأدباء ١٠ : ١١٠.