الحسين عليهالسلام حتى قال بعض الرواة :
والله ما رأيت مكثوراً قط قتل ولده ، وأهل بيته وأنصاره أربط جأشاً من الحسين عليهالسلام ، وان كانت الرجال لتشدّ عليه فيشدّ عليها فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفاً فينهزمون بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر ، ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم ، حتى قتل منها الفاً وتسعمائة عدا المجروحين ، فناداهم ابن سعد لعنه الله :
الويل لكم يا أهل الكوفة أتدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتّال العرب ، فاحملوا عليه من كلّ جانب ، وكانت الرماة أربعة آلاف فرموه بالسهام ، حتى حالوا بينه وبين رحله ، فصاح بهم :
ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون.
فناداه شمر لعنه الله : ما تقول يا بن فاطمة؟
قال عليهالسلام : أنا اُقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهنّ جناح ، فامنعوا عتاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حياً.
فقال الشمر لعنه الله : لك ذلك يا بن فاطمة ، ثم صاح : إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه فلعمري انّه كفؤ كريم.
فقصد القوم بالقتال وهو مع ذلك يطلب شربة من الماء ، وكلّما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه حتى أجلوه عنه فنادى :
هل من مغيث فيغيثنا؟