والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى او تستقصى.
والقول بأنّه انّما يحسن ترتيب آثار الحزن إذا لم يتقدّم العهد بالمصيبة مدفوع بانّ من الفجائع ما لا تخبو زفراتها ولا تخمد لوعتها ، فقرب العهد بها وبعده عنها سواء.
نعم ، يتمّ قول هؤلاء اللائمين إذا تلاشى الحزن بمرور الأزمنة ولم يكن دليل ولا مصلحة يوجبان التعبّد بترتيب آثاره ، وما أحسن قول القائل في هذا المقام :
خلي اُميمـة عن ملا |
|
مك ما المعزّي كالثكول |
ما لراقد الوسنان مثـ |
|
ل معذّب القلب العليـل |
سهران من ألم وهـ |
|
ذا نائم الليـل الطـويل |
ذوقي اُميمـة ما أذو |
|
ق وبعده ما شئت قولي |
على انّ في ترتيب آثار الحزن بما أصاب رسول الله صلىاللهعليهوآله عن تلك الفجائع ، وحلّ بساحته من هاتيك القوارع حكماً توجب التعبّد بترتيب آثار الحزن بسببها على كلّ حال ، والأدلة على ترتيب تلك الآثار في جميع الأعصار متوفّرة وستسمع اليسير منها ان شاء الله تعالى.
وقد علمت سيرة أهل المدينة الطيبة (١) واستمرارها على ندب حمزة وبكائه مع بعد العهد بمصيبته فلم ينكر عليهم في ذلك أحد حتى بلغني انّهم لا يزالون إلى
__________________
١ ـ مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهي يثرب ، مساحتها نصف مكة ، وهي في حرّة سبخة الأرض ، ولها نخيل كثيرة ومياه ، والمسجد في نحو وسطها ، وقبر النبي في شرقي المسجد وللمدينة أسماء كثيرة ، منها : طيبة ويثرب والمباركة. انظر : معجم البلدان ٥ : ٨٢.