................................................................
__________________
الطائفة بعض الوزراء وكثير من الملوك والخلفاء ، فبعضهم أخفى ذلك تقيّة ، وبعضهم أظهره جهراً.
من بعد الأمير تيمور الكورگاني ورجوع سلطنة إيران قليلاً قليلاً إلى الصفوية ، اتّخذت فرقة الشيعة إيران مركزاً لها ، وبمقتضى تخمين بعض سائحي فرنسا أن الشيعة سدس أو سبع المسلمين ـ ونظراً إلى ترقّي هذه الطائفة في مدة قليلة بدون اجبار اصلاً يمكن القول بأنّه لا يمضى قرن أو قرنان حتى يزيد عددها على عدد سائر فرق المسملين ، والعلّة في ذلك ؛ هي إقامة هذه المآتم التي جعلت كل فرد من أفرادها داعية إلى مذهبه.
اليوم لا يوجد نقطة من نقاط العالم يكون فيها شخصان من الشيعة الا ويقيمان فيها المآتم ، ويبذلان المال والطعام. رأيت في بندر ( مارسل ) في الفندق شخصاً واحداً عربياً شيعياً من أهل البحرين يقيم المأتم منفرداً جالساً على الكرسي بيده الكتاب يقرأ ويبكي ، وكان قد أعدّ مائدة من الطعام ففرّقها على الفقراء!
هذه الطائفة تصرف في هذا السبيل الأموال على قسمين ، فبعضهم يبذلون في كلّ سنة من أموالهم خاصّة في هذا السبيل بقدر استطاعتهم ما يقدّر بالملايين من الفرنكات ، والبعض الآخر من أوقاف خصّصت لإقامة هذه المآتم ، وهذا المبلغ طائل جداً ، ويمكن القول بأنّ جميع فرق المسلمين منضمّة بعضها إلى بعض لا تبذل في سبيل مذهبها ما تبذله هذه الطائفة ، وموقوفات هذه الفرقة هي ضعف أوقاف سائر المسلمين أو ثلاثة أضعافها.
كل واحد من هذه الفرقة بلا استثناء سائر في طريق الدعوة إلى مذهبه ، وهذه النكتة مستورة عن جميع المسلمين حتى الشيعة أنفسهم ، فإنهم لا يتصوّرون هذه الفائدة من عملهم هذا ، بل قصدهم الثواب الاخروي ، ولكن بما أن كلّ عمل في هذا العالم لا بدّ أن يظهر له بطبيعته أثر ، فهذا العمل أيضاً يؤثر ثمرات للشيعة ، من المسلّم أن المذهب الذي دعاته من خمسين إلى ستّين مليوناً لا محالة يترقّى على التدريج ترقّياً لائقاً بهم ، حتى انّ الرؤساء الروحانية ، والملوك والوزراء لهذه الفرقة ليسوا بخارجين عن صفة الدعوة ، فقراء وضعفاء هذه الفرقة بما انّهم حصلوا ويحصلون على فوائد كلّية من هذا الطريق ، فهم يحافظون على إقامة هذه المآتم أكثر من كبرائها ؛ لأنّهم رأوا في هذا العمل ثواب الآخرة وأجر الدنيا ، فلهذا ترك جمع غفير من عرفاء هذه الفرقة أسباب معاشهم ، واشتغلوا بهذا العمل ، فهم يتحمّلون المشاقّ ليتمكّنوا من ذكر فضائل كبراء دينهم ، والمصائب التي أصابت أهل هذا البيت