وهو بمكان من الضعف ، إذ الأدلّة الآتية وإطلاق عناوين كثير منهم يأبيان عن ذلك التخصيص ، والّذي ألجأ ذلك الرّجل إلى هذا التخصيص أنّه زعم : أنّه لولاه لما يبقى فرق بين هذه المسألة وتلك ، بل يرجع النزاع فيهما إلى واحد.
لكن بالنظر الدّقيق يمكن إبداء الفارق بينهما من غير حاجة إلى مثل ذلك التكلّف ، وإن شئت توضيحه فنقول :
الفارق بينهما كما حقّقه ـ دام ظلّه ـ أمران :
أحدهما : أنّ مورد البحث في تلك المسألة ما كان متعلّقا الأمر والنهي من عنوان واحد ـ سواء كانت النسبة بين متعلّقيهما هو العموم المطلق أو من وجه ـ والمراد بكونهما من عنوان واحد وقوع اسم واحد على كليهما وكونهما من سنخ واحد ، وهذا كما إذا أمر بصلاة الصبح ، ونهى عن الصلاة في مكان مخصوص ، أو أمر بصلاة خاصّة مطلقا ، ثمّ نهى عن بعض أفرادها ، كما إذا أمر بصلاة الظهر ـ مثلا ـ من غير تقييدها بشيء ، ثمّ نهى عنها مقيّدة ببعض القيود والأحوال الطارئة عليها ، والنسبة بين متعلّقي الأمر والنهي في المثال أوّل هو العموم من وجه وفي الثاني هو العموم والخصوص المطلقان ، ويقع على كلّ واحد منهما في كلّ من المثالين اسم واحد وهو الصلاة مثلا.
هذا بخلاف مسألتنا هذه ، فإنّ مورد البحث فيهما ما كان متعلّقاهما متباينين في الاسم ، سواء كانت النسبة بينهما هو العموم من وجه ، كالصلاة والغصب أو العموم والخصوص المطلقين كالصلاة والفرد الخاصّ من الغصب المتّحد مع الصلاة ، وهذا كما إذا قال : صلّ ولا تغصب في الصلاة.
وثانيهما : أنّ النزاع في تلك المسألة من حيث دلالة النهي عرفا على تقييد متعلّق الأمر بغير مورد الاجتماع أو تخصيصه به ، فتكون تلك لفظية ، وفي هذه المسألة من حيث جواز اجتماع الوجوب والتحريم عقلا وعدمه ولو لم يكن هناك