أقول : هذا نظير استكشافنا ذلك عن الخبر المتواتر والإجماع ، فإذا استكشفنا من العقل ذلك فيكون الطاعة بواسطة الحجة كما مرّت الإشارة إليه.
تنبيه : حكي عن السيد نعمة الله في شرحه للتهذيب (١) أنّه يتفرع على القول بحجية العقل في غير الضّروريات طرح ما ورد من الأخبار الدالة على جواز السهو والنسيان في النبيّ صلّى الله عليه وآله وأوصيائه عليهم السلام حيث إنّ العقل يحكم بامتناعهما في حقهم وعلى القول بعدم حجيته فيها الأخذ بها والالتزام [ بها ] انتهى.
أقول : فيه أنّه كيف يتصوّر الأخذ بتلك الأخبار مع فرض القطع من جهة العقل بامتناع السهو والنسيان منهم عليهم السلام ، مع أنّ الأخذ بها في إثبات السهو والنسيان في حقّهم مستلزم للدّور كما لا يخفى ، فإنّه إذا جوّز السهو والنسيان في حقهم فيمكن صدور تلك الأخبار عنهم من باب السهو أيضا فيكون إثبات السهو بها إثباتا للسّهو بالسهو فلا تغفل.
قوله ـ قدّس سره ـ : ( وأمّا قطع من خرج قطعه عن العادة فإن أريد بعدم اعتباره عدم اعتباره في الأحكام التي يكون القطع موضوعا لها ، كقبول شهادته وفتواه ونحو ذلك فهو حق ، لأنّ أدلة اعتبار العلم في هذه المقامات لا تشمل هذا قطعا ) (٢).
أقول : عدم اعتبار قطع القطّاع من جهة الموضوعية من الأمور الواضحة الغير القابلة للنزاع ، بحيث لو أغمضنا عما ذكره المصنف ـ من انصراف أدلّة اعتبار العلم موضوعا عنه ـ يظهر ذلك من السابقين أيضا فإنّهم وإن لم يتعرّضوا لخصوص القطّاع ، لكن يعلم حكمه من اتفاقهم على عنوانين عامين بتنقيح
__________________
(١) شرح التهذيب ، مخطوط.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٢٢.