المصنّف ، بل إنّما هي ما كان قاطعا للعذر فيما بين العبد وبين الله تعالى وهو ما لو عمل العبد على طبقه ليس لله تعالى المؤاخذة عليه على تقدير استلزام العمل به لمخالفة الواقع وارتكاب مبغوضيته تعالى ، ولو لم يعمل به له المؤاخذة عليه على تقدير مصادفته للواقع ، مع تضمّنه الحكم الإلزاميّ.
والّذي يكشف عن ذلك أنّ الحجّة عندهم تطلق على الأمارات والأدلّة والأصول العملية على حدّ سواء ، بحيث لا يكون إطلاقها على الأصول والأدلّة مجازا عندهم قطعا ، وليس ذلك لأجل اشتراكها لفظا بين الموارد الثلاثة ، بل إنّما هو لأجل أنّها عبارة عندهم عن معنى عامّ يصدق على كلّ منها على حدّ سواء ، وهو ليس إلا ما ذكرنا ، إذ لا يعقل جامع بينها غيره ، ضرورة أنّ الأصول العملية ليست طرقا أصلا ، فضلا عن كونها مبيّنة لأحكام متعلّقاتها ، فكيف يمكن كون ذلك جامعا بين الكلّ؟! وهذا المعنى لا تناسب بينه وبين المعنى المصطلح عند أهل الميزان بوجه كالمعنى السابق ، فلا بدّ أن يكون لفظ الحجّة منقولا عن معناه الأصلي إليه ، والعلاقة المصحّحة للنقل إنّما هي علاقة السببية ، فإن كان قاطعا للعذر بنى عليه (١) ، وسدّ مجال المؤاخذة والسؤال.
ثمّ إنّ حجّية القطع بهذا المعنى ـ أيضا ـ لا اعتبار عليها (٢) بوجه ، لاستقلال العقل بقبح مؤاخذة العامل بقطعه على تقدير تخلّفه عن الواقع.
نعم يجوز الأمر على تقدير انكشاف الخلاف له بالتعبّد بالواقع على ما هو عليه أداء وقضاء.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( والحاصل : أنّ كون القطع حجّة غير معقول ،
__________________
(١) النسختين غير مقروءة ولعلّها هكذا : فلأن كان قاطعا للعذر بنى للعلية ، ويحتمل السقط قبل هذه العبارة.
(٢) أي ليست قابلة للجعل والاعتبار.