بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في مسألة اجتماع الأمر والنهي
وتنقيحه يقتضي تقديم أمور :
الأوّل : هل المسألة هذه لفظية أو عقلية؟ وعلى الثاني هل هي من المسائل الأصولية ، أو الكلاميّة ، أو من المبادئ الأحكامية؟ وجوه مختلفة منشؤها اختلاف الوجوه الصالحة فيها لوقوع كلّ منها موردا للبحث ، فإنّ في الأمر والنهي اعتبارات يصلح كلّ منها لوقوعه موردا للكلام وموردا للنقض والإبرام ، لأنّه يصحّ أن يبحث عنهما بملاحظة فهم العرف تخصيص أحدهما بالآخر في مورد الاجتماع وعدمه ، فتكون المسألة لفظية ، وأن يبحث عنهما بملاحظة قبح تعميمهما بالنسبة إلى مورد الاجتماع وعدمه ، فتكون المسألة عقلية وكلامية أيضا ، إذ البحث عن الحسن والقبح من توابع علم الكلام ، وأن يبحث عنهما بملاحظة نفس اجتماعهما عقلا من أيّ وجه كان ، وعدمه كذلك ، فتكون المسألة عقلية أصولية إن عمّمنا المسألة الأصولية إلى ما يكون طريقا لاستنباط الحكم الفرعيّ ولو مع واسطة استنباط آخر غير استنباط نفس الحكم الفرعي (١) ، وإلاّ فهي من المبادئ الأحكامية ، إذ من المعلوم أنّه ـ بعد استنباط جواز اجتماع الأمر والنهي
__________________
(١) بتقريب : أنّ المسألة الأصولية ما يبحث فيها عن أحوال ما يكون طريقا لاستنباط حكم فرعي ولو مع توسّط استنباط آخر وراء استنباط الحكم الفرعي ، إذ البحث عن حكم العقل بجواز الاجتماع أو امتناعه بحث عما يكون طريقا لاستنباط حكم فرعيّ مع الواسطة كما لا يخفى. لمحرّره عفا الله عنه.