إشارة إلى ما ذهب إليه الأخباريون : من عدم جريان أصالة البراءة في الشبهة الحكمية التحريمية ، وأنها مجرى الاحتياط ، مع أنها من الشكّ في التكليف الّذي جعله ـ قدّس سرّه ـ مجرى لأصالة البراءة.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( لا إشكال في وجوب متابعة القطع والعمل عليه ما دام موجودا ) (١).
مراده من وجوب المتابعة إنما هو وجوبها عقلا من باب الإرشاد ، لا الوجوب الشرعي ، لما سيأتي من امتناع توجّه الأمر والنهي شرعا إلى العمل بالقطع.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( لأنه بنفسه طريق إلى الواقع. ) (٢) ..
توضيحه : أنّ الحجّة المبحوث عنها في باب الأدلّة الشرعية هي ما كانت (٣) طريقا إلى الواقع ، بمعنى كونه كاشفا عن متعلّقه وعن جميع لوازمه الشرعية والعقلية ، وهذا المعنى إنّما هو من الآثار القهريّة للقطع يمتنع عقلا انفكاكه عنه ، فإنّه إذا قطع بشيء فلازمه انكشاف ذلك الشيء للقاطع وانكشاف جميع لوازمه ـ عقلية أو شرعية ـ فلا يكون قابلا للجعل ، لا نفيا لفرض امتناع (٤) نفي هذه الصفة عنه ، ولا إثباتا لكونه تحصيلا للحاصل ، وإنّما يمكن جعل شيء طريقا إذا كان نفي طريقيته باختيار الجاعل ، والمفروض امتناعه في المقام.
هذا مع أنّ ما ذكرنا ـ من أنّ لازم القطع بشيء انكشافه ـ مسامحة ، فإنّ حقيقة القطع بشيء إنما هي انكشافه للقاطع ، نعم استكشاف لوازم ذلك الشيء من لوازم انكشافه ، ولأجل أنّ القطع بشيء إنّما هو انكشافه لا يطلق عليه الحجّة
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٤.
(٣) في النسختين : هو ما كان.
(٤) في النسخة ( أ ) : لغرض الشارع .. ونسخة ( ب ) لامتناع غرض الشارع.