بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
[ في تداخل الأسباب ]
فائدة : قد عنون جماعة من متأخّري الأصوليّين أنّ الأصل في الأسباب هل هو التداخل إلى أن يقوم على عدمه دليل ، أو عدمه حتّى يقوم على ثبوته دليل؟
وقبل الخوض في المسألة لا بدّ من بيان مرادهم من تداخل الأسباب ، وأنّ المراد بالأسباب ما ذا؟
فاعلم أنّ المراد بالأسباب هنا إنّما هي الشرعيّة ، وهي المقتضيات للأحكام الشرعيّة التي بها [ تدخل ](١) تلك الأحكام في الأدلّة الشرعيّة لا العقليّة ، ولا الأعمّ ، لعدم تعلّق غرضهم بالعقليّة بوجه ، ولأنّه لا يعقل هذا النزاع بالنسبة إليها ، ضرورة امتناع تداخلها بجميع معاني التداخل المحتملة منه ، هذا بخلاف الأسباب الشرعيّة ، لأنّ سببيّتها إنّما هي بمقتضى ظواهر الأدلّة الشرعيّة ، فيمكن عدم كونها أسبابا واقعية ومؤثّرات حقيقيّة كالعقليّة ، فيمكن فيها التداخل ، فلا يكون عدم التداخل فيها بديهيّا ، حتى لا يقبل النزاع.
ثمّ الظاهر من تحرير الخلاف أنّ المراد تداخل ذوات الأسباب الشرعيّة ، وحيث إنّ عدمه ضروريّ غير قابل للإنكار ، فلا بدّ أن يكون المراد : إمّا تداخلها من حيث التأثير ، بمعنى إفادة الجميع أمرا واحدا ، فإنّ ذلك ـ أيضا ـ نوع
__________________
(١) إضافة يقتضيها السياق.