والحاصل : أنّه إذا دار الأمر بين طرح المفهوم رأسا مع إبقاء ظهور السببيّة على حاله وبين طرح السببيّة وإبقاء المفهوم في الجملة تكون الأوّل هو المعيّن (١) إذ ظهور القضيّة الشرطيّة في إفادة السببيّة كالنصّ ، وفي إفادة المفهوم ظاهر ، فيكون التصرّف فيها من الوجه الثاني أولى وأقدم (٢) ، فيقدّم ، ولأجل ذلك ترى أنّه لو قام قرينة على عدم إرادة الوجوب من الأمر لا يحكم بعدم إرادة مطلق الطلب بل يحملونه على الاستحباب الّذي هو أحد فرديه ويتصرّفون فيما يكون دلالة الأمر عليه أضعف من دلالته على مطلق الطلب ، وهو المنع من الترك ، فإنّ دلالته عليه أضعف من دلالته على الطلب المطلق.
هذا مجمل الكلام في الوجوه المتصوّرة لعلاج التعارض في المقام من جهة الوجه الأوّل.
وأمّا علاجه من جهة الوجه الثاني المختصّ بصورة وحدة الجزاء شخصا فينحصر في أحد أمرين :
أحدهما : الوجه الرابع المتقدم في علاجه من جهة الوجه الأوّل.
وثانيهما : حمل كلّ من الخطابات على السببيّة المقيّدة بعد قيام الشروط المذكورة في الخطاب الآخر مقام الشرط المذكور فيه ، بأن يراد من كلّ منها أنّ ذلك الشرط المذكور فيه مؤثّر في وجود الجزاء إذا لم يخلفه أحد من سائر الشروط المذكورة في الخطاب الآخر ، فتدبّر.
هذا خلاصة الكلام في المقام الأوّل من المقامات الموضوعة للمفاهيم ، وسنختمه بذكر القول في مثله بتداخل الأسباب ، فانتظر.
والله الهادي إلى سواء السبيل وله الحمد ، وعلى نبيّه صلّى الله عليه وآله الثناء الجميل وسلام الجليل.
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : الأولى هو المعيّن.
(٢) كذا في النسخة المستنسخة ، وربّما الصحيح : وأقوم ..