ثمّ إنّ هنا صورا اخر من صور اجتماع الوجوب والحرمة لا بأس بالإشارة إلى بعضها وإن كانت خارجة عن محلّ النزاع :
منها : ما إذا كان الوجوب والحرمة كلاهما كفائيّين وعينيّين مقابل التخييري.
ومنها : ما إذا كان الوجوب كفائيا والحرمة عينيّة مقابل الكفائي.
ومنها : عكس هذه الصورة مع فرض كون موضوع الوجوب والحرمة في الصور الثلاث هو نفس مورد الاجتماع ابتداء.
وممّا ذكرنا ـ من اعتبار كلّية متعلّقيهما في محلّ النزاع ، وأنّه لا بدّ للمكلّف من مندوحة لامتثال الأمر ـ علم خروج تلك الصور أيضا عن محلّ النزاع في المقام.
هذا مضافا إلى أنّ وضوح امتناع الاجتماع فيها أيضا بمثابة لا نظنّ بأحد إنكاره ، ضرورة أنّ إرادة شيء واحد عينيا مقابل التخييري يناقض كراهة ذلك.
ومن هنا يتولّد الإشكال بالنسبة إلى الصنائع المكروهة وإلى القضاء ممن لا يثق من نفسه من القيام به ، حيث إنّها واجبة كفائية ومكروهة أيضا ، فإنّ الكراهة وإن كانت أدون من الحرمة ، إلاّ أنّها مناقضة للوجوب كما لا يخفى ، فلا بدّ من الجمع بينهما بوجه.
وأقرب وجوه الجمع أن يتصرّف في دليل الكراهة في الأمثلة المذكورة بتخصيصه بما إذا قام أحد بتلك الواجبات الكفائيّة ، إذ حينئذ يسقط الوجوب الكفائي عمّن لم يقم بها ، فلا يجتمع مع الكراهة.
الثالث قد أشرنا في مطاوي كلماتنا المتقدّمة إلى الثمرة بين القولين في المسألة : من أنّه يتفرّع على القول بجواز الاجتماع عدم التعارض بين الأمر والنهي بالنسبة إلى مورد الاجتماع ، فيعمل بمقتضاه ، فيصحّ وقوعه امتثالا عن الأمر ومبرئا للذمّة عنه ، والتعارض بينهما على القول بامتناعه ، فيعمل بمقتضاه من ملاحظة الترجيح لأحدهما إن كان له مرجّح فيدخل فيه مورد التعارض