الظاهر أنّ ظهور أدوات الشرط في السببيّة على الوجه المذكور أقوى من ظهور المادّة في الطبيعة من حيث هي ، فيكون حاكما على ظهور المادّة وصارفا عنه (١) ، فإذا اندفع المحذور المذكور تقضي (٢) الأدلّة بتعدّد الطلب بتعدّد الأسباب ، لعدم المانع منه حينئذ ، فيتمّ المطلوب ، وهو عدم التداخل ، لما مرّ غير مرّة من استلزام تعدّد الطلب تعدد الامتثال.
ثمّ إنّه قد حكى ـ دام ظلّه ـ عن بعض أفاضل المتأخّرين ـ وظنّي أنّه الفاضل النراقي ـ قدّس سرّه ـ في عوائده (٣) ـ : أنّه استشكل في التقييد المذكور بأنّه مستلزم لاستعمال المادّة في معنيين ، ولم ينقل ـ دام ظلّه ـ وجهه ، ولم يتعرّض لتوجيهه بوجه ، بل اكتفى بمجرّد حكاية ما ذكر ، فطفر إلى ما هو الأهمّ للمحصّلين.
أقول : كأنّ نظره ـ قدّس سرّه ـ فيما ذكره إلى أنّ الموجب لإشكاله (٤) المذكور إنّما هو لزوم اجتماع المثلين أو الأمثال في شيء واحد ، وقد عرفت أنّه يختصّ بصورة اجتماع الأسباب ، إذ مع وجود واحد منها لا يكون إلاّ طلبا واحدا ، وهو غير مستلزم له ، فلا مانع من إرادة نفس الطبيعة بالنسبة إلى حال وجود واحد منها ، ووجود المانع في غير تلك الصورة لا يوجب المنع فيها ، فلا يكون التقييد بالنسبة إلى غير تلك الصورة مستلزما له فيها ، ولازم ذلك أن يراد
__________________
(١) وإن شئت قلت : إن المستفاد من القضايا الشرطية تعدّد الطلب بتعدّد الشرط ، وتعدّد الطلب ظاهر في تعدّد المطلوب ، فيكون هذا قرينة على تقيّد المادّة في كلّ من تلك القضايا ببعض وجودات الطبيعة ، لتعدّد المطلوب ، فإنّ ظهور تعدّد الطلب في تعدّد المطلوب أقوى من ظهور المادّة في الطبيعة من حيث هي ، فيكون حاكما على ظهور المادّة وصارفا عنه. منه طاب ثراه.
(٢) في النسخة المستنسخة : ( فتقتضي .. بتعدّد ). ، فصحّحناها بما في المتن ، كما تصحّ أيضا هكذا : تقتضي .. تعدّد ..
(٣) عوائد الأيام : ١٠٣.
(٤) في النسخة المستنسخة ( لكشفه ) والصحيح ما أثبتناه.