وبعبارة أخرى : إنّ المعلّق على الشرط إنّما هو تنجّز المنشأ بذلك الإنشاء وصيرورته بعثا وتحريكا فعليّا ، بحيث يستتبعه استحقاق العقاب على مخالفته في الوقت المضروب لأداء متعلّقه ، فإنّ الآمر إذا التفت إلى أنّ للفعل مصلحة عند وجود أمر ، فيكون ذلك داعيا له ـ قبل تحقّق ذلك الأمر ـ إلى إنشاء طلب شأنيّ الآن معلّق بلوغه إلى مرتبة البعث والتحريك الفعلي على وجود ذلك الأمر في الخارج ، بحيث إذا وجد يكون المحرّك والباعث له نحو الفعل حينئذ هو ذلك الطلب الشأني من غير حاجة إلى طلب جديد أصلا ، فهذا الطلب والتحريك الفعلي إنّما هو ذلك الشأنيّ ، بمعنى أنّ أصله ومادّته إنّما هو ذلك ، وإنّما وجود الشرط صار سببا لنموّه وكثرته ، فمثله كمثل الزرع ، حيث إنّ أصله إنّما هو من البزر (١) الّذي ألقاه الزارع ، ونموّه من قبل المربّيات له من الماء وغيره ، ولذا لو أمر مولى عبده بشيء على هذا الوجه ، ثمّ حضر زمن وجود الشرط وكان المولى غافلا عن أنّه أمره من قبل أو عن وجود الشرط لكان (٢) ذلك الطلب محرّكا للعبد حينئذ نحو الفعل ، بحيث لو ترك الامتثال حينئذ معتذرا ـ بأنّ ذلك الطلب لم يكن منجّزا ، ولم يصدر منه طلب منجّز بعده ـ لاستحقّ الذمّ والعقاب.
والحاصل : أنّ المعلّق على الشرط إنّما هو تنجّز ذلك الطلب الشأني ، وهو ـ أي التنجّز ـ حالة بين الآمر والمأمور : إذا أضيفت إلى الآمر تسمّى بعثا وتحريكا فعليّا ، وإذا أضيفت إلى المأمور تسمّى اشتغالا فعليّا.
فإذا عرفت ذلك فقد ظهر لك فضاحة (٣) حال المناقشة المذكورة ، إذ بعد
__________________
(١) في النسخة المستنسخة الزر ، والصحيح ما أثبتناه ، والبزر مفرد ( بزور ) ، وهي الحبوب المفصولة عن الثمرة ، وكلّ حبّ يبذر ، أي يلقى في الأرض ويزرع ، كما يحتمل أن الكلمة في نسخة الأصل هي البذر مفرد ( بذور ) و ( بذار ) ، وهي الحبوب التي تزرع. اللسان مادّتا : ( بذر ) و ( بزر ).
(٢) في النسخة المستنسخة : يكون ..
(٣) فضحه فضحا وفضاحة وفضوحا وفضوحة وفضاحا : كشف مساوئه ومعايبه ، وفضحه فضحا :