الأمثلة دون الالتزام به خرط القتاد ، كما سيأتي تفصيله في محلّه ، وقد أشرنا إلى إجماله : من أنّه مستلزم للأمر بذي المفسدة الغير المتداركة بالمصلحة الغالبة لا محالة إن لم نقل بأدائه إلى التناقض ، نظرا إلى اختلاف الأمر والنهي بالشأنية والفعليّة ، فلا ينبغي أن يظنّ خروجها عن محلّ النزاع.
اللهمّ إلاّ أن يدّعى أنّ النزاع في المقام إنّما هو في جواز اجتماع الأمر والنهي ، وامتناعه بالنظر إلى ذاتيهما مع قطع النّظر عن الجهات الخارجية ، فلا يستبعد حينئذ أن يكون جواز الاجتماع من هذه الجهة متّفقا عليه بين الفريقين ، فتأمّل.
ثمّ إنّه قد حكي عن شيخنا الأستاذ ـ قدّس سرّه ـ أنّه وجّه الصحّة في الأمثلة المذكورة بالتزام ثبوت الأمر فيها واقعا ، ثمّ التفت إلى الإشكال المتقدّم وهو لزوم الأمر بذي المفسدة ، فأجاب عنه بوجهين :
أحدهما : أنّ النزاع في المقام لا يختصّ بالعدلية ، بل يعم الأشعرية المنكرين للمصلحة والمفسدة في المأمور به والمنهي عنه ، فلأحد حينئذ منع ثبوت المفسدة في الفعل حال الجهل والنسيان ، فلا يلزم الأمر بذي المفسدة.
وثانيهما : أنّ الظاهر من أدلّة العدلية ـ التي أقاموها على دوران الأحكام مدار المصالح والمفاسد ـ إرادتهم الأعمّ من المصلحة والمفسدة الكامنتين في ذات الفعل فلم يقم دليل قاطع في تلك الأمثلة على أنّ الفعل نفسه مشتمل على المفسدة ، فيحتمل أن يكون في نفس النهي عنه مصلحة ، فيرتفع المحذور. هذا خلاصة ما أفاده ـ قدّس سرّه ـ.
لكن لا يخفى ما في كلّ من هذين الوجهين :
أمّا الأوّل منهما : فلأنّه إنّما يجدي لمن كان من الأشاعرة ، لا لمن كان من العدلية التي هو ـ قدّس سرّه ـ منهم ، بل رئيسهم.
وأمّا الثاني : فلأنّه بعد تسليم صحّة النهي لمصلحة في نفس النهي ، نمنع