تستلزم الصحّة المرادفة للإجزاء ، بل أعمّ منها لتوقّف الصحّة بهذا المعنى على أمر آخر أيضا وهو أحد الأمرين على سبيل منع الخلوّ.
أحدهما : إيقاع الفعل بداعي الأمر.
وثانيهما : أن يكون هو بنفسه من رسوم العبودية لله تعالى كالسجود والخضوع له ، إذ معه لا حاجة إلى وجود الأمر أصلا وبانتفاء كليهما يمنع الصحة.
فعلى هذا فنحن وإن كنّا مشتركين في الأمثلة المتقدّمة بواسطة قيام الإجماع على صحّتها ، إلاّ أنّ الإشكال في حكم المجمعين بها فيها ، فإنّ الظاهر أنّ حكمهم بها إنّما هو لاقتضاء القاعدة إيّاها ، ومن المعلوم أنّها إنّما تقتضيها إذا كان الفعل المأتيّ به منطبقا على الطبيعة المأمور بها بالمعنى المتقدّم ، وجامعا لأحد الشرطين المتقدّمين ، والصلاة في الموارد المفروضة في الأمثلة المتقدّمة وإن كانت منطبقة على الطبيعة المأمور بها ، إلاّ أنّه لم يعلم كون طبيعة الصلاة بنفسها من رسوم العبوديّة حتّى تكون تلك الصلاة كذلك لانطباقها ، لتكون صحيحة لذلك ، والأمر بتلك الصلاة أيضا قد عرفت امتناعه ، فلم يبق لهم وجه للحكم بصحّتها.
ويمكن دفعه : بأنّهم فهموا من الإطلاقات الواردة لبيان بعض آثار الصلاة ـ كقوله صلّى الله عليه وآله : « الصلاة قربان كلّ تقيّ » (١) وقوله صلّى الله عليه وآله : « الصلاة معراج المؤمن » (٢) ـ أنّها بنفسها من رسوم العبودية ومقرّبة إليه تعالى وأنّ الأمر بها كاشف عن كونها كذلك ، لا محقّقة له ، وليس ببعيد.
أقول : ولو لا الاعتماد على تلك الإطلاقات لأشكل الأمر علينا أيضا في الحكم بالصحّة في الأمثلة المذكورة بواسطة قيام الإجماع عليها بعد إحراز أنّ
__________________
(١) الكافي : ٣ ـ ٢٦٥ ـ كتاب الصلاة ـ باب فضل الصلاة ـ ح : ٦ ، ومن لا يحضره الفقيه : ١ ـ ١٣٦ ـ باب فضل الصلاة ـ ح : ١٦.
(٢) لم نعثر عليه في كتب الحديث ، وأورد مضمونه صاحب الجواهر : ٧ ـ ٢.