يوجب كون الموضوع للحكم هي خصوصية العلم ، بل لا يعقل ، إذ المفروض إلغاء تلك الخصوصية في مقام جعل الحكم ، فهو يناقض اعتبارها في الموضوع.
ثمّ إنّ اعتبار الأمارات الغير العلمية يتصوّر على وجوه :
أحدها : أن يجعل الشّارع إياها بمنزلة الكاشف الحقيقي وتنزيلها منزلته في جميع ماله من الآثار المترتبة عليه من حيث طريقيته وحكايته عن آثار متعلقه ومن حيث جزئيّته لموضوع الحكم ، وتنزيلها منزلته من الحيثية الأولى آئل إلى إلغاء الشارع احتمال المخالف لمؤداها والحكم بالبناء على كونها صادقة في حكايتها عن مؤدياتها ، ومن الحيثية الثانية آئل إلى حكمه ـ في الموارد التي لو انكشف بالعلم لكان لها باعتبار انكشافها وتقييدها به حكم عن الأحكام ـ بمثل ذلك الحكم إذا قامت تلك الأمارات في تلك الموارد فيكون اعتبارها من هذه الحيثية حقيقة راجعا إلى إعطاء الشارع إياها حكم الجزئية لموضوع ذلك الحكم وتشريكها مع الكشف الحقيقي في حكم الجزئية.
وثانيها : أن يجعلها بمنزلته من الحيثية الأولى فقط.
وثالثها : أن يحكم في مواردها في مرحلة الظاهر بمؤدّياتها وبتعبد المكلف ابتداء بتلك المؤديات من دون تقييد بطريقيّتها ولا بجزئيتها لموضوع الحكم الّذي كان الكاشف مأخوذا في موضوعه أصلا.
وحاصل اعتبارها على هذا الوجه إنّما هو تنزيل مؤدياتها منزلة الواقع لا تنزيل أنفسها منزلة الكاشف أصلا ، فيكون حالها على هذا الوجه حال الاستصحاب من حيث كون مؤدياتها أحكاما ظاهرية غير مجعولة مرآة للأحكام الواقعية.
ثمّ إنّ الوجه الأخير غير محتمل من أدلة اعتبارها جدّاً ، فينحصر الاحتمال في تلك الأدلة في الأوليين ، والأظهر منهما هو أوّلهما.
فإذا عرفت ذلك فقد ظهر لك وجه قيام الأمارات مقام القطع الّذي هو