والواقعي بوجه وتوضيحه :
أنّ الملحوظ في الأحكام الظاهرية إنّما هو اعتقاد المكلف نفيا ـ كما في الأصول العملية ـ أو إثباتا ـ كما في مورد الأدلة والأمارات ـ بمعنى أنها مجعولة للوقائع باعتبار اعتقاد المكلف أو عدم اعتقاده فجهتها إنّما هي اعتقاد المكلف بالموضوع أو الحكم أو عدم اعتقاده بهما أصلا ، وأمّا الأحكام الواقعية فلا ينحصر جهتها في ذات الشيء مع قطع النّظر عن تعلق العلم أو الجهل به ، قد تكون هي وقد تكون هي ما تعلق العلم أو الجهل به كالظن بالقبلة في يوم الغيم والعلم بالأعيان النجسة عند من يجعل النجاسة معلّقة على العلم بها وكالشك في النجاسة مع عدم العلم بالنجاسة السابقة في جواز الدخول في الصلاة مثلا وإن كانت النجاسة متحققة واقعا في الثوب والبدن ، فإذن لا منافاة بين الجهتين لإمكان اجتماعهما وتصادقهما على مورد واحد ، فلا حاجة حينئذ إلى الجواب عن الإشكال المذكور بها مرّ ، لعدم وروده حينئذ أصلا كما لا يخفى.
الثاني : قد يؤخذ العلم جزء لموضوع حكم من حيث الكشف والطريقية المطلقة على وجه آخر مغاير لاعتباره جزء كذلك على الوجه المتقدّم ، وهو أن يكون أخذه كذلك بعنوان كونه معرّفا لخصوصية في مورده مقصودة لا تعلم أصلا فيكون المأخوذ في موضوع الحكم حينئذ حقيقة هي الخصوصية المعرفة به (١) على نحو الإجمال لا هو.
وهذا أسلم من اعتباره جزء للموضوع على الوجه السابق من المناقشة المذكورة في قيام الاستصحاب مقامه ، بل لا يتوجه تلك المناقشة عليه حينئذ أصلا إلاّ أنّ الحكم المأخوذ فيه العلم حينئذ ليس لمتعلقه باعتبار العلم أصلا (٢) حتى يقال
__________________
(١) في نسخة ( ب ) : الخصوصيّة المعرفيّة على نحو ..
(٢) أبدال ( أصلا ) إلى : أثرا ، أفضل بقرينة قوله : حتى يقال ...