الثالث : إذا أخذ العلم في دليل في موضوع حكم من حيث الكشف والطريقية المطلقة أو أخذ نفسه موضوعا له كذلك فلا يلزم في شيء من المقامين استعمال لفظ العلم في أعم منه وما يقوم مقامه ، إذ الغرض حينئذ وإن كان أعم لكن يمكن إفادة عمومه بدليل آخر ، ومع فرض كون الغرض هو الأعم لا بدّ ان يكون ذكر الأخص وهو العلم لنكتة ويكفي فيها كونها هو التنبيه على كون العلم فردا له بنفسه من غير حاجة إلى جعل أصلا وأنّه لا بدّ أن يقتصر في الحكم المفروض على مورد العلم ما لم يقم دليل على إقامة الظن (١) مقامه بمعنى عدم جواز التعويل على الظن الّذي لم يقم على اعتباره دليل كما هو الظاهر في وجه إناطة جواز صلاة الزوال باليقين في قوله عليه السلام « إذا استيقنت الزوال فصل » فإنّ الظاهر أنّ النكتة فيها إنما هو التنبيه على عدم الاعتبار (٢) بالظن الغير المعتبر.
وقد يكون النكتة هو التنبيه على زمان تنجز التكليف ولأن العلم سبب لتنجزه وفعليته على المكلف كما هو الظاهر من قوله عليه السلام « كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام » وقوله عليه السلام « كل شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر ».
الرابع : إذا ورد دليل علق فيه الحكم المذكور على العلم فالظّاهر أنّ اعتبار العلم فيه ليس من باب أخذه في موضوع ذلك الحكم بوجه ، بل إنّما هو من باب الطّريقية المحضة إلى إثبات ذلك الحكم لمتعلقه.
والنكتة في اعتباره في الدليل مع أنّه بنفسه طريق إلى حكم متعلقه إنّما هي التنبيه على كيفية إطاعة ذلك الحكم ، والمنشأ لذلك الظهور إنّما هو غلبة إرادة هذا المعنى من أمثال هذه التراكيب في العرف كقوله ( إذا علمت بقدوم زيد
__________________
(١) في النسختين ( هذه ) بدل الظن ، والأنسب ما أثبتناه.
(٢) في النسختين ( الإمكان ) بدل الاعتبار ، والصحيح ما أثبتناه في المتن.