عليه.
هذا ، وتوضيح الدفع : أن الّذي يتعبّده الشارع بالظنّ : إمّا ممّن انسدّ عليه باب الوصول إلى الواقع : إمّا بانسداد باب العلم عليه من أصله ، وإمّا يكون عليه جهلا مركّبا مخالفا للواقع مطلقا ، مع تمكّنه من تحصيل ذلك العلم.
وإمّا ممّن انفتح له باب الوصول إليه بالعلم في الجملة ، بمعنى أنّه يتمكّن من تحصيل العلم به مع عدم كون علمه جهلا مركّبا مطلقا في جميع الموارد ، وعلى الثاني إما أن يكون علمه الّذي تمكّن من تحصيله أغلب مطابقة للواقع على تقديره من الظنّ المفروض ، أو مساويا له في المصادفة له وعدمها ، أو أنّ الظنّ أغلب مصادفة منه.
فعلى الأول : لا يعقل منعه من العمل بالظنّ مع عدم تمكّنه من العلم أصلا ، لاستقلال العقل بحجّيته حينئذ ، لانحصار الطريق فيه ، ومع تمكّنه منه ـ أيضا ـ يجوز أمره بالعمل بالظنّ ، بل يجب ، نظرا إلى قاعدة اللطف لفرض كون علمه على تقديره مخالفا للواقع مطلقا ، بخلاف ظنّه ، فإنّه يؤدّي إليه كثيرا بالفرد ، ولا أظنّ المنكر ينكر التعبّد به في هاتين الصورتين.
وأمّا على الثاني : فجواز التعبّد به على الشّقّ الثاني منه في غاية الوضوح أيضا ، لأنّ فوت الغرض والوقوع في المفسدة أو فوت المصلحة ، كلّها لازمة على تقدير العمل بالعلم ـ أيضا ـ على مقدار صورة عمله بالظنّ ، فلا يلزم من التعبّد به أزيد ممّا يلزم منها على تقدير عدم التعبّد به.
ومنه يظهر : جوازه في الشّقّ الثالث ـ أيضا ـ بل هو فيه أولى ، كما لا يخفى ، بل لعلّ التعبّد بالظنّ فيه متعيّن ، نظرا إلى قاعدة اللطف ، لغرض إدراك الواقع فيه معه أكثر منه على تقدير العمل بالعلم ، وإن كان هو على تقدير حصوله لا يعقل المنع من العمل به ، لكن الكلام إنما هو قبل حصوله ، والظاهر أنّ المنكر غير منكر للتعبّد به في هاتين الصورتين أيضا ، وأما على الشقّ الأوّل