شيء من المحذورين المذكورين مطلقا.
وأمّا شبهة التناقض بين الحكمين والتنافي بينهما فأوجه وجوه الذبّ عنها أنه لا يلزم الاجتماع في غير الصورة التي يكون العلم أغلب مطابقة فيها من الظنّ أصلا ، لأنّ الظنّ في غير تلك الصورة حجّة بنفسه بحكم العقل.
وبعبارة أخرى : إنه إذا كان التقدير تقدير مساواة الظنّ للعلم في المصادفة ، فضلا عن أغلبيته مطابقة من العلم ، فالعقل يحكم بحجيّة الظنّ في ذلك التقدير ، ويقبح عنده المنع من العمل به ، فيكون كالعلم حال حصوله طريقا منجعلا غير محتاج إلى جعل أصلا ، فلو فرض أمر الشارع بالعمل به في هذا التقدير لكان إرشاديّا محضا ، إذ لا يترتب عليه وجوده أزيد ممّا كان يترتّب على صورة عدمه وعدم اطّلاع المكلّف بكون التقدير هذا التقدير لا يصير ذلك الأمر شرعيّا ، فإنّ العقل إنّما يستقلّ بحجّيّة الظنّ فيه من غير تقييده بعلم المكلّف به ، فلعلّ المكلّف قد يعتقد كون التقدير غيره ، لكنه لا يغير الواقع حتى يكون الأمر المذكور شرعيّا.
وبالجملة : حكم العقل بحجّية الظنّ في هذا التقدير نظير حكمه بقبح الظلم معلّق على موضوع عامّ سار في جميع مصاديق الموضوع الواقعية ولو مع عدم علم المكلّف في (١) مورد بكونه من مصاديقه ، بل ومع قطعه بعدم مصداقيّته له ـ أيضا ـ فليس في تلك الصورة حكم آخر وراء الحكم المجعول واقعا ، حتى يجتمع حكمان شرعيّان متنافيان في مورد.
وأمّا في الصورة المذكورة ـ أعني صورة أغلبيّة مصادفة العلم للواقع من الظنّ المفروض ـ فاعتبار الظنّ فيها وإن كان منوطا بأمر الشارع ، فيلزم من اعتباره فيها اجتماع حكمين في مورد واحد إذا أدّى الظنّ إلى خلاف الواقع ،
__________________
(١) العبارة في النسختين مضطربة ففي « أ » : عدم المكلف في. وفي « ب » : عدم علم المكلف به في.