عن ديننا ، فلتأخذ كل قبيلة من فيها من المسلمين (١) ، فيأخذ الاخ أخاه وابن العم ابن عمه فيشده ويوثقه كتافا ويضربه ويخوفه وهم لا يرجعون ، فأنزل الله : « ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها (٢) » فخرج جماعة من المسلمين إلى الحبشة يقدمهم جعفر بن أبي طالب فنزلوا على النجاشي ملك الحبشة فأقاموا عنده في كرامة ورفيع منزلة وحسن جوا ، و عرفت قريش ذلك فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي [ فخرج (٣) ] فلما قدم عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد في رهط من أصحابهما على النجاشي تقدم عمرو بن العاص فقال : أيها الملك إن هؤلاء قوم من سفهائنا صباة ، قد سحر هم محمد ابن عبدالله بن عبدالمطلب ، فادفعهم عنك فإن صاحبهم يزعم أنه نبي قدجاء بنسخ دينك ومحوما أنت عليه ، فلم يلتفت النجاشي إلى قوله ولم يحفل (٤) بما أرسلت به قريش ، و جرى على إكرام جعفر وأصحابه وزاد في الاحسان إليهم ، وبلغ أبا طالب ذلك فقال يمدح النجاشي :
ألا ليت شعري كيف في الناس جعفر |
|
وعمرو وأعداء النبي الاقارب |
وهل نال أفعال النجاشي جعفرا (٥) |
|
وأصحابه أم عاق ذلك شاغب (٦) |
تعلم خيار الناس إنك ماجد |
|
كريم فلايشقى لديك المجانب |
وتعلم بأن الله زادك بسطة |
|
وأسباب خير كلها لك لازب |
فلما بلغت الابيات النجاشي سر بها سرورا عظيما ولم يكن يطمع أن يمدحه أبوطالب بشعر ، فزاد في إكرامهم وأكثر من إعظامهم ، فلما علم أبوطالب سرور النجاشي قال يدعوه إلى الاسلام ويحثه على اتباع من النبي عليه أفضل الصلاة والسلام :
____________________
(١) في المصدر ، فلتأخذ كل قبيلة من فيها من الصباة ولتعذبه حتى يعود عما علق به من دين محمد صلىاللهعليهوآله ، وكانت كل قبيلة تعذب من فيها من المسلمين اه.
(٢) سورة النساء : ٩٧.
(٣) * أقول : قوله : فخرج ، زائد في ( ك ) وفى المصدر : ( فخرج عمرو بن العاص وهو يقول ... ) وذكر أبياتا وكلاما سيجئ نقلها عن ابن أبي الحديد في ص ١٦٢ ( ب ).
(٤) اى ما بالى به ولا اهتم به.
(٥) في المصدر : وهل نال احسان النجاشى جعفرا.
(٦) ياتى معناه في البيان ، وفى المصدر : واصحابه ام عاق ذلك شاعب.