قالوا : يمر بنا يتيم أبي طالب ولم يسلم (١)! فأيكم يأتيه فيفسد عليه مصلاه؟ فقال عبدالله ابن الزبعري السهمي : أنا أفعل ، فأخذ الفرث والدم فانتهى به إلى النبي صلىاللهعليهوآله وهو ساجد فملا به ثيابه (٢) ، فانصرت النبي صلىاللهعليهوآله حتى أتى عمه أبا طالب ، فقال : يا عم من أنا؟ فقال : ولم يا ابن أخ ، فقص عليه القصة ، فقال : وأين تركتهم؟ فقال : بالابطح ، فنادى في قومه : يا آل عبدالمطلب يا آل هاشم يا آل عبد مناف ، فأقبلوا إليه من كل مكان ملبين ، فقال : كم أنتم؟ فقالوا : نحن أربعون ، قال : خذوا سلاحكم ، فأخذ واسلاحهم وانطلق بهم حتى انتهى إليهم (٣) ، فلما رأت قريش أبا طالب أرادت أن تتفرق ، فقال لهم : ورب البنية لا يقوم منكم (٤) أحد إلا جللته بالسيف ، ثم أتى إلى صفاة كانت (٥) بالابطح فضربها ثلاث ضربات فقطع منها ثلاثة أنهار (٦) ، ثم قال : يا محمد سألت (٧) : من أنت؟! ثم أنشأ يقول ويؤمئ بيده إلى النبي صلىاللهعليهوآله :
أنت النبي محمد |
|
قرم أغر مسود (٨) |
حتى أتى على آخر الابيات ، ثم قال : يا محمد أيهم الفاعل بك؟ فأشار النبي صلىاللهعليهوآله إلى عبدالله بن الزبعري السهمي الشاعر ، فدعاه أبوطالب فوجا أنفه حتى أدماها (٩) ، ثم أمر بالفرث والدم فأمر على رؤوس الملاكلهم ، ثم قال : يا ابن أخ أرضيت؟ ثم قال :
____________________
(١) في المصدر : ولا يسلم علينا.
(٢) في المصدر : فملاء به ثيابه ومظاهره.
(٣) في المصدر : حتى انتهى إلى اولئك النفر.
(٤) في المصدر : لايقومن منكم.
(٥) الصفاة : الحجر الصلد الضخم.
(٦) كذا في النسخ ، وفى المصدر : حتى قطعها ثلاثة أفهار. والفهر : حجر رقيق تسحق به الادوية.
(٧) في المصدر : سألتنى.
(٨) القرم : السيد. العظيم.
(٩) وجأ فلانا بالسكين أو بيده : ضربه في أى موضع كان ، آدمى الرجل : اخرج منه الدم.