تذنيب : قال الطبرسي رحمهالله : اختلف في المراد (١) على وجوه : أحدها أن معناه لما وصف ابن مريم شبيها في العذاب بالآلهة ـ أي فيما قالوه وعلى زعمهم ـ وذلك أنه لما نزل قوله : « إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم (٢) » قال المشركون : قد رضينا أن تكون آلهتنا حيث يكون عيسى ، وذلك قوله : « إذا قومك منه يصدون » أي يضجون ضجيج المجادلة حيث خاصموك وهو قوله : « وقالواءآلهتنا خير أم هو » أي ليست آلهتنا خيرا من عيسى ، فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا. عن ابن عباس ومقاتل.
وثانيها أن معناه : لما ضرب الله المسيح مثلا بآدم في قوله : « إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب (٢) » أي من قدر على أن ينشئ آدم من غير أب وام قادر على إنشاء المسيح من غير أب ، اعترض على النبي صلىاللهعليهوآله بذلك قوم من كفار قريش فنزلت هذه الآية.
وثالثها أن معناه : أن النبي صلىاللهعليهوآله لما مدح المسيح وامه وأنه كآدم في الخاصية قالوا : إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى المسيح ، عن قتادة. ورابعها ما رواه سادة أهل البيت عن علي عليهالسلام ، ثم ذكر نحوا من الاخبار السابقة (٤).
أقول : لا يخفى أن ماروي في أخبار الخاصة والعامة بطرق متعددة أو ثق من المحتملات الغير المستندة إلى خبر ، مع أن ما ذكرنا أشد انطباقا على مجموع الآية مما ذكروه.
ثم اعلم أنها تدل على فضل جليل لا يشبه شيئا من الفضائل ، وتدل على أن النبي صلىاللهعليهوآله مع كثرة ما مدحه وصدع (٥) بفضائله صلوات الله عليه أخفى كثيرا منها خوفا
____________________
(١) في المصدر : في المراد به.
(٢) الانبياء : ٩٨.
(٣) آل عمران : ٥٩.
(٤) مجمع البيان : ٩ : ٥٢ و ٥٣.
(٥) صدع الامر : كشفه وبينه.