ما دخلت مكة سقطت منها سيف في ماء فغير (١) وطار ، والثاني في الجو فاستمر ، وسقط الثالث إلى الارض فانكسر ، وبقي الرابع في يدي مسلولا (٢) ، فبينا أنا به أصول إذا صار ، السيف شبلا (٣) ، فتبينته فصار ليثا مهولا فخرج عن يدي ومر نحو الجبال يجوب بلاطحها ، ويخرق صلاطحها ، والناس منه مشفقون ، ومن خوفه حذرون إذ أتى محمد فقبض على رقبته فانقاد له كالظبية الالوف ، فانتبهت وقدر اعني الزمع والفزع ، فالتمست المفسرين وطلبت القائفين (٤) والمخبرين ، فوجدت كاهنا زجر لي (٥) بحالي ، وأخبر ني بمنامى ، و قال لي : أنت تلدين أربعة أولاد ذكور وبنتا بعدهم ، وإن أحدالبنين يغرق ، والآخر يقتل في الحرب : والآخر يموت ويبقى له عقب ، والرابع يكون إماما للخلق صاحب سيف وحق ، ذا فضل وبراعة ، (٦) يطيع النبي المبعوث أحسن طاعة.
فقالت فاطمة : فلم أزل مفكرة في ذلك ورزقت بني الثلاثة : عقيلا وطالبا وجعفرا ، ثم حملت بعلي عليهالسلام في عشر ذي الحجمة ، فلما كان الشهر الذي ولدته فيه وكان شهر رمضان رأيت في منامي كأن عمود حديد قد انتزع من ام رأسي ، ثم سطع في الهواء حتى بلغ السماء ثم رد إلي فقلت : ما هذا؟ فقيل لي : هذا قاتل أهل الكفر ، و صاحب ميثاق النصر ، بأسه شديد ، يفزع من خيفته ، وهو معونة الله لنبيه ، وتأييده على عدوه ، قالت : فولدت عليبا.
____________________
(١) في المصدر : فغمر وكلاهما بمعنى فان ( غير ) من الغور.
(٢) أى منتزعا من جلده.
(٣) صال عليه : وثب سطا عليه وقهره والشبل : ولدالاسد وفى المصدر : إذ صار.
(٤) القائف : الذى يعرف النسب بفراسته ونظره إلى اعضاء المولود. والمرادهنا. المعبر والمفسر للرويا.
(٥) زجر الرجل : تكهن.
(٦) برع براعة : فاق علما او فضيلة أو جمالا.
____________________
حينئذ يجب القول بكون ولادته عليهالسلام سابع شعبان كما في رواية الصفوان ص ٧ واما اختلاف المتون في تلك الاخبار فلا يخفى على الباحث الخبيران جيلا من العلماء والرواة لما رأو افيما مضى من الزمان اقبال الناس إلى القصص والا ساطير صنفوا في تاريخ النبى والائمة عليهمالسلام وغير ذلك كتبا على مذهب القصاصين من الحكماء فكانوا ياتون إلى حديث صحيح في قصة ساذجة لا تزيد على خمسة ابيان فيجعلونها اكثر من خمسين بيتا. فترى واحدهم يصور قصة ولادة الرسول وزواجه بخديجة ( كابى الحسن البكرى في كتاب الانوار ) فيصورها بما يقدر عليه من الفصاحة والبلاغة وايراد الشعر