ليكون حجة عليه ، بل كما يوصل المستودع الوديعة إلى صاحبها ، فلم يفهم السائل ذلك وأعاد السؤال وقال : دفع الوصايا مستلزم لكونه حجة عليه؟ فأجاب عليهالسلام بأنه دفع إليه الوصايا على الوجه المذكور وهذا لا يستلزم كونه حجة بل ينافيه (١).
وقول عليهالسلام : « مات من يومه » أي يوم الدفع لا يوم الاقرار ، ويحتمل تعلقه بهما ويكون المراد الاقرار الظاهر الذي اطلع عليه غيره صلىاللهعليهوآله. هذا أظهر الوجوه عندي في حل الخبر ويحتمل وحوها اخر :
منها أن يكون المعنى. هل كان الرسول محجوجا مغلوبا في الحجة بسبب أبي طالب حيث قصر في هدايته إلى الايمان ولم يؤمن؟ فقال عليهالسلام : ليس الامر كذلك لانه كان قدآمن وأقر ، وكيف لا يكون كذلك والحال أن أبا طالب كان من الاوصياء ، وكان أمينا على وصايا الانبياء وحاملا لها إليه صلىاللهعليهوآله ، فقال السائل : هذا موجب لزيادة الحجة عليهما (٢) حيث علم نبوته بذلك ولم يقر ، فأجاب عليهالسلام بأنه لو لم يكن مقرا لم يدفع الوصايا إليه.
ومنها أن المعنى : ولو كان محجوجا به وتابعا له لم يدفع الوصية إليه بل كان ينبغي أن تكون عند أبي طالب ، فالوصايا التي ذكرت بعد غير الوصية الاولى ، واختلاف التعبير يدل عليه ، فدفع الوصية كان سابقا على دفع الوصايا وإظهار الاقرار ، وأن دفعها كان في غير وقت ما يدفع الحجة إلى المحجوج ، بأن كان متقدما عليه ، أو أنه بعد دفعها اتفق موته ، والحجة يدفع إلى المحجوج عند العلم بموته ، أودفع بقية الوصايا ، فأكمل الدفع يوم موته.
٩ ـ ع ، ل : حدثنا أبومحمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله (٣)
____________________
(١) فان ابا طالب لوكان حجة لما جاز له ان يدفع الوصايا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله بل كان له ان يحفظها عنده ، فبهذا الدفع يستدل على عدم كونه حجة كما يستدل على ايمانه برسول الله ايضا ، فانه ولولم يكن مؤمنا به ومقرا بنبوته لما دفعها إليه.
(٢) أما على ابى طالب فواضح لعدم ايمانه واقراره مع علمه بنبوته ، واما على رسول الله فلا وجه لزيادة الحجة عليه صلىاللهعليهوآله كما لا يخفى ومن هنا يظهران الصحيح : ( هذا موجب لزيادة الحجة عليه ).
(٣) كذا في نسخ الكتاب والمصدر. وفى جامع الرواة ( عبدالله ) راجع ج ١ : ٢٢٦.