منهم قد اجتمعوا لكيده ، فأغنى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وكفى الله المؤمنين به كيدهم ، ودفعهم عن المسلمين بقوته التي بان بها عن جماعتهم ، فروى (١) محمد بن أبي السري التميمي ، عن أحمد بن الفرج ، عن الحسن بن موسى النهدي ، عن أبيه ، عن وبرة ابن الحارث ، عن ابن عباس قال : لما خرج النبي صلىاللهعليهوآله إلى بني المصطلق جنب عن الطريق فأدركه الليل ، فنزل بقرب واد وعر (٢) ، فلما كان في آخر الليل هبط جبرئيل عليه (٣) يخبره أن طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي يريدون كيده وإيقاع الشر بأصحابه عند سلوكهم إياه ، فدعا أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجن من يريدك ، فادفعه بالقوه التي أعطاك الله عزوجل إياها ، وتحصن منهم بأسماء الله عزوجل التي خصك بعلمها (٤) ، وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس (٥) ، وقال لهم : كونوا معه وامتثلوا أمره ، فتوجه أمير المؤمنين عليهالسلام إلى الوادي ، فلما قرب من شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئا حتى يؤذن لهم ، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي ، وتعوذ بالله من أعدائه وسمى الله عز اسمه ، وأومأ إلى القوم الذين اتبعوه أن يقربوا منه ، فقربوا وكان بينهم وبينه فرجة مسافتها غلوة (٦) ، ثم رام الهبوط إلى الوادي ، فاعترضت ريح عاصف كاد أن تقع القوم على وجوههم لشدتها ، ولم تثبت أقدامهم على الارض من هول الخصم ومن هول مالحقهم ، فصاح أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله و ابن عمه ، اثبتوا إن شئتم ، فظهر للقوم أشخاص على صور الزط يخيل في أيديهم
____________________
(١) إلى هنا لايوجد في الارشاد فقط.
(٢) الوعر : المكان الصلب والمخيف الوحش. وقال في القاموس : الوعر جبل.
(٣) في الارشاد والمناقب : هبط عليه جبرئيل.
(٤) في الارشاد والمناقب : خصك بها وبعلمها.
(٥) أي من أصناف الناس.
(٦) الغلوة : مسافة يسيرها السهم عند الرمي.