شعل النيران ، قد اطمأنوا وأطافوا بجنبات الوادي ، فتوغل (١) أمير المؤمنين عليهالسلام بطن الوادي وهو يتلو القرآن وهو يوئي (٢) بسيفه يمينا وشمالا ، فما لبث الاشخاص حتى صارت كالدخان الاسود ، وكبر أمير المؤمنين عليهالسلام ثم صعد من حيث انهبط فقام مع القوم الذين اتبعوه حتى اصفر الموضع عما اعتراه ، فقال له أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله : مالقيت يا أبا الحسن؟ فلقد كدنا أن نهلك خوفا وأشفقنا عليك أكثر مما لحقنا ، فقال عليهالسلام لهم : إنه لما تراءى لي العدو جهرت فيهم بأسماء الله تعالى فتضاءلوا (٣) ، وعلمت ما حل بهم من الجزع ، فتوغلت الوادي غير خائف منهم ، ولو بقوا على هيأتهم لاتيت على أنفسهم (٤) ، وقد كفى الله كيدهم وكفى أمير المؤمنين شرهم (٥) ، وستسبقني بقيتهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يؤمنون به ، وانصرف أمير المؤمنين عليهالسلام بمن معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخبره الخبر ، فسري عنه ودعا له بخير ، وقال له : كيف قد سبقك يا علي من أخافه الله بك وأسلم (٦) وقبلت إسلامه ، ثم ارتحل بجماعة المسلمين حتى قطعوا الوادي آمنين غير خائفين ، وهذا الحديث قد روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا منه (٧).
١٩ ـ أقول : روى الشيخ أحمد بن فهد في المهذب وغيره في غيره بأسانيدهم عن المعلى بن خنيس قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : يوم النيروز هو اليوم الذي وجه فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام إلى وادي الجن فأخذ عليهم العهود والمواثيق (٨).
____________________
(١) توغل في البلاد : ذهب وأبعد.
(٢) في الارشاد والمناقب : ويومئ.
(٣) تضاءل : صغر وضعف.
(٤) في الارشاد : على آخرهم.
(٥) الصحيح كما في الارشاد : وكفى المسلمين شرهم.
(٦) في الارشاد : وقال له : قد سبقك يا علي إلي من أخافه الله بك فأسلم.
(٧) مناقب آل أبي طالب ١ : ٢٩٨. الارشاد للمفيد : ١٦٠ و ١٦١. ولم نجده في الخرائج وقد نقل المصنف الرواية من الارشاد وما في المناقب يضاهيها.
(٨) مخطوط.