أعمال المهاجرين والانصار وطاعاتهم كلها ، وتربى عليها فضلا عن أبي بكر وحده.
وقد روي عن حذيفة بن اليمان مايناسب هذا بل ماهو أبلغ منه : روى قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن ربيعة بن مالك السعدي قال : أتيت حذيفة بن اليمان فقلت : يا أبا عبدالله إن الناس ليتحدثون عن علي بن أبي طالب ومناقبه فيقول لهم أهل البصيرة : إنكم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل ، فهل أنت محدثي بحديث عنه أذكره للناس؟ فقال : ياربيعة وما الذي تسألني عن علي عليهالسلام وما الذي أحدثك به عنه؟ والذي نفس حذيفة بيده لو وضع جميع أعمال أمة محمد في كفة الميزان منذ بعث الله تعالى محمدا إلى يوم الناس هذا ووضع عمل واحد من أعمال علي في الكفة الاخرى لرجح على أعمالهم كلها ، فقال ربيعة : هذا المدح الذي لايقام له ولايعقد ولايحمل ، إني لاظنه إسرافا يا أبا عبدالله! فقال حذيفة : يالكع (١) وكيف لايحمل؟ وأين كان المسلمون يوم الخندق وقد عبر إليهم عمرو وأصحابه فملكهم الهلع (٢) و الجزع ، ودعا إلى المبارزة فأحجموا عنه ، حتى برز إليه علي عليهالسلام فقتله ، والذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من أعمال أمة محمد إلى هذا اليوم وإلى أن تقوم القيامة.
وجاء في الحديث المرفوع أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال ذلك اليوم حين برز إليه : برز الايمان كله إلى الشرك كله. وقال أبوبكر بن عياش : لقد ضرب علي بن أبي طالب عليهالسلام ضربة ماكان أشأم منها (٣) يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله. وفي الحديث المرفوع أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما بارز علي عمروا مازال رافعا يديه مقمحا رأسه قبل السماء داعيا ربه قائلا : اللهم إنك أخذت مني عبيدة يوم بدر وحمزة يوم أحد فاحفظ علي اليوم عليا « رب لاتذرني فردا وأنت خير الوارثين ».
____________________
(١) اللكع : اللئيم. الاحمق.
(٢) الهلع : الجبن عند اللقاء.
(٣) في المصدر : ماكان في الاسلام أشأم منها.