واردة في حفظ الماء لخوف العطش لا في جواز صرفه.
والحاصل : أنه كما قلنا إنه لا يبعد القطع بعدم التخيير بين الطهارتين نقول إنه لا يبعد القطع بعدم جواز صرف ذلك الماء الموجود ، فان وجوب الوضوء إن كان متوجها إليه في ذلك الحال كان مقتضاه هو صرف ذلك الماء في الوضوء ، ومقتضى لزوم صرفه فيه عدم سلطنته على صرفه في غيره ، فلا يبعد القطع بعدم اجتماع وجوب الوضوء وجواز صرف ذلك الماء في غيره ، إلاّ إذا قام دليل قطعي يدل على جواز صرفه في ذلك الغير فان ذلك الدليل يكون محصله هو جواز إخراج نفسه من موضوع الواجد إلى موضوع الفاقد. والحاصل : أن جواز صرف ذلك الماء على ذلك الحيوان المفروض أن حفظه غير واجب ، وأنه لا ضرر ولا حرج على المكلف في عطبه وتلفه ، لا يكون إلاّ من قبيل جواز إراقة الماء في ظرف تحقق وجوب الوضوء ، فراجع وتأمل.
استطراد : ربما يقال إن المدار في مسألة ضيق الوقت على الخوف الوجداني ، كما لو ادعي استفادة ذلك من صحيحة زرارة المتقدمة (١) ، وحينئذ لو شك في سعة الوقت وبقائه على وجه يسع الطهارة المائية والصلاة لم يكن استصحاب بقاء الوقت نافعا ، لأنّ أقصى ما فيه هو الحكومة على ما يكون موضوعه الشك والاحتمال ، لا على ما يكون موضوعه الخوف الوجداني الملازم للاحتمال إلاّ على تقدير الأصل المثبت ، بل لو قلنا بحجية الأصل المثبت لم يكن نافعا ، لأن أقصى ما فيه هو الحكم بنفي ذلك اللازم تعبدا ، والمفروض فيما نحن فيه أن ذلك اللازم وهو الخوف موجود وجدانا فلا يعقل التعبد بعدمه.
__________________
(١) في صفحة : ١٨٧.