العصيان من باب الطريق المحرز لما هو الشرط ، أعني خلو الزمان عن الإزالة. وسيأتي إن شاء الله تعالى في التنبيه الرابع (١) ما لعلّه يوضّح ما ذكرناه من أنّ الشرط هو عنوان التعقّب.
قوله : وأمّا السر في تعبيرنا بشرطية العصيان دون نفس الترك ، فلأنّ مجرد الترك حاصل عند الجهل به أيضا ، والكلام في باب التزاحم إنّما هو في فرض العلم بالخطاب بالأهم وتنجّزه ، فالتعبير بالعصيان أولى ... الخ (٢).
قال قدسسره فيما حررته عنه في هذا المقام ما هذا لفظه وهو : أنّا في مقام التعبير عن الشرط الذي علّق عليه الأمر بالمهم نعبّر عنه بعصيان الأمر بالأهم ، ولم نعبّر عن ذلك بترك الأهم ، إيماء وإشارة إلى أنّ عدم الأهم المأخوذ شرطا في الأمر بالمهم إنّما اخذ شرطا فيه إذا كان ذلك الترك عصيانا ، ولا يكون ذلك إلاّ مع تنجّز الأمر بالأهم بواسطة تحقّق العلم به ، ويتفرع على ذلك أنّ الأمر بالأهم إذا لم يكن معلوما لا نحتاج في توجّه الأمر بالمهم إلى الترتب وتعليقه على ترك الأهم ، فانّ الاحتياج إلى ذلك فرع تحقّق التزاحم بين الأمرين ، ومع كون الأمر بالأهم غير معلوم لا يكون في البين تزاحم كي نحتاج إلى إصلاحه بما ذكرنا من الترتب ، فانّ الأمرين إنّما يتزاحمان إذا كان كل منهما منجّزا ، دون ما إذا كان أحدهما غير منجّز للجهل به ، وحينئذ يكون الغرض من العصيان هو منشأ انتزاعه ، أعني ذلك الترك بما أنّه مؤد إليه ومحقّق له ، انتهى.
ومن هذا الذي حررناه عنه قدسسره تعرف أنّ التعبير عن الشرط بعصيان
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٩٨ ـ ٩٩.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٨٦ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].