لا يقال : إذا كان التقدم والتأخر الرتبي مسوّغا لتوجه الأمرين المذكورين ، فليكن كذلك فيما إذا علّق الأمر بالمهم على وجود الأهم.
لأنّا نقول : ليس مجرد التأخر الرتبي كافيا في ذلك ، بل هو بضميمة ما أفاده قدسسره في هذه المقدمة من التعاكس بين الأمرين ، وأنّ الأوّل منهما يكون طاردا لموضوع الأمر بالمهم ، وأنّ الثاني لا يكون حافظا لذلك الموضوع الذي يطرده الأوّل ، بضميمة ما أفاده قدسسره (١) في المقدمة الاولى من أنّ الأمر بالمهم لمّا كان مقيدا بعدم الإتيان بالأهم ، كان ذلك مخرجا للأمرين عن كونهما مستلزمين للأمر بالجمع بين الضدين.
وبالجملة : أنّ الأمرين في هذه الصورة لا بأس باجتماعهما ، بخلاف الصورة المفروضة فانّ الأمر الأوّل فيها يكون مقتضيا لحفظ موضوع الثاني ، والثاني وإن لم يكن متعرضا لذلك الموضوع بوضع ولا برفع ، إلاّ أنّه لمّا كان محصّله لزوم الإتيان بالمهم في حال الاتيان بالأهم ، كان من هذه الجهة من قبيل الأمر بالجمع بين الضدين ، فيكون محالا من هذه الجهة وإن كان متأخرا في الرتبة عن الأمر بالأهم.
وملخص ذلك : أنّ توجه الأمر بالمهم مشروطا بالإتيان بالأهم في نفسه محال ، كان الأمر بالأهم متحدا معه في الرتبة أو كان متقدما عليه في الرتبة ، بل إنّ ذلك الأمر محال وإن لم يكن في البين أمر بالأهم أصلا ، فتأمل.
ولو قال : إن أمرتك بالأهم أو إن علمت بالأمر بالأهم فافعل المهم أو فاترك الأهم ، كان ذلك محالا من جهة اخرى ، وهي لزوم المناقضة أو
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٥.