المضادة بين الحكم الشرعي والحكم العقلي مع كونهما في رتبة واحدة ، فانّه لو قال : إن أمرتك بالشيء أو إن علمت به فافعل ضده أو اتركه ، كان الأمر الشرعي الثاني متأخرا عن الأوّل رتبة ، إلاّ أنّه مضاد أو مناقض لما يحكم به العقل من وجوب الإطاعة ، فانّ العقل يحكم بلزوم الإتيان بالمأمور به ، فكيف يحكم الشرع في هذه المرتبة بلزوم ضده أو لزوم تركه.
والحاصل : أنّ حكم العقل بالإطاعة متأخر عن رتبة الحكم الشرعي الأوّل ، ويكون الحكم الشرعي الثاني مناقضا أو مضادا لذلك الحكم العقلي ، مع كونهما في رتبة واحدة ، فتأمل.
هذا ما كنت حررته سابقا ، والإنصاف أنّه لغير أوانه ، فانّه سيأتي في المقدمة الخامسة تعرضه قدسسره لهذا الإشكال والجواب عنه مفصلا (١) ، بل إنّ المقدمة الخامسة إنّما هي مسوقة للجواب عن هذه الجهة من الإشكال. نعم إنّي كنت أكتب الدرس والحقه بما اعلّقه عليه ثم بعد ذلك يتعرض قدسسره فيما يأتي من الدروس للجهة التي تعرض بالبال حينما حررت ما سبق من الدرس ، وقد نقلته هنا على علاته حرصا على ما أتخيّله فيه من بعض الإيضاحات ، والكمال له تعالى وحده فكيف بهذا الأحقر الذي هو أنقص من كل ناقص.
ثم إنّه سيأتي إن شاء الله تعالى في بعض الحواشي التي علقتها على ص ٢٥٥ (٢) بيان الإشكال في هذه الطولية التي حررناها هنا بين الأمر بالمهم والأمر بالأهم ، وأنّ تلك الطولية لو سلّمناها بينهما لأشكل الأمر في الترتب من الطرفين ، فانّ لازم ذلك هو كون كل من الأمرين مقدما على نفسه ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٨٣ ـ ٨٤ ، راجع الصفحة : ٣٨٢ وما بعدها من هذا المجلّد.
(٢) حسب الطبعة القديمة من الأجود. راجع الصفحة : ٣٨٧ وما بعدها من هذا المجلّد.