المستمر ، القاضي بالفعل المستمر أعني الصلاة ، فانّه أيضا يلزمه اجتماع الأمرين. ويجاب عنه بأنّه لمّا كان الأوّل هادما لموضوع الثاني لم يكن اجتماعهما محالا ، وهو الذي تتكفّله المقدمة الرابعة بمعونة ما تقدم في المقدمة الثانية من أنّ الوجوب المشروط لا ينقلب بوجود شرطه عن كونه مشروطا إلى كونه مطلقا.
نعم ، في الكفاية في مسألة تصحيح الواجب المعلّق بعد أن بيّن أنّه لا مانع من كون الوجوب حاليا والواجب استقباليا قال ما هذا لفظه : مع أنّه لا يكاد يتعلّق البعث إلاّ بأمر متأخر عن زمان البعث ، ضرورة أنّ البعث إنّما يكون لإحداث الداعي للمكلّف إلى المكلّف به ، بأن يتصوّره بما يترتب عليه من المثوبة وعلى تركه من العقوبة ، ولا يكاد يكون هذا إلاّ بعد البعث بزمان ، فلا محالة يكون البعث نحو أمر متأخر عنه بالزمان ، ولا يتفاوت طوله وقصره فيما هو ملاك الاستحالة والإمكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب (١).
قلت : بل قد يقال : إنّ نفس الطلب مثل قولك « قم » لا يكون المنظور فيه إلاّ القيام المتأخر عن نفس هذا الطلب ولو في ثاني زمانه ، بمعنى أنّه لا يمكن أن يكون المراد من القيام في قوله « قم » هو القيام المقارن في الزمان لهذا الطلب ، بل لا بدّ أن يكون متأخرا عنه ولو في الآن الثاني منه وبعد البناء على ذلك نقول فيما نحن فيه إنّه لا يمكننا القول بأنه قد اجتمع الشرط والطلب والمطلوب في آن واحد ، كما أنّه لا يمكننا القول بأنّ هذا المطلوب وهو الصيام متأخر عن أول الفجر بمقدار تحقّق الطلب ليكون
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٠٣.