المانع من وجوب الشرط ليس هو مجرد تقدم المعلول على العلة ، بل هو أنّ ما هو مأخوذ في التكليف على نحو فرض الوجود يستحيل أن يترشح عليه ذلك التكليف ، إلاّ أنّ الغرض هو بيان أنّ محطّ النقض والإبرام بينهما هو قابلية الشرط المتأخر لطروّ الوجوب الغيري عليه. أمّا كون المسألة مبنية على التقدير الذي تقدم الكلام عليه في بعض مقدمات الترتب (١) فذلك ممّا لم أتوفق لمعرفته. فدقق النظر في كلامهما لعلك تطلع على ذلك ، والله سبحانه هو الموفق والمسدد.
ولعل مراده قدسسره أنّ كون المسألة من باب الشرط المتأخر ، مبني على أن ترك الأهم يكون مقارنا لفعل المهم ، ويكون الوجوب المذكور سابقا عليهما ، فتدخل المسألة حينئذ في التقدير المشار إليه. لكن يمكن أن يكون نظرهما إلى أنّ الشرط إنّما هو انقضاء العصيان ، وهو متأخر عن كل من نفس فعل المهم ووجوبه المشروط بالعصيان المذكور ، فتأمل.
قوله : القسم الخامس : وهو ما إذا وقع التزاحم لأجل اتحاد متعلّق الأمر والنهي في الوجود ، كما في موارد اجتماع الأمر والنهي ، فلا يعقل الخطاب الترتبي فيه أيضا ... الخ (٢).
هذا التعبير كغيره من التعبيرات المحررة عنه قدسسره في هذا المقام لا يخلو عن مسامحة ، فانّ مسألة الاجتماع إنّما يتوهم فيها جريان الترتب إذا كانت من باب التزاحم ، وهي إنّما تكون من ذلك الباب إذا قلنا فيها بالجواز من الجهة الاولى ، أمّا إذا قلنا فيها بالامتناع من الجهة الاولى فلا تكون إلاّ من باب التعارض ، لاتحاد متعلق الأمر فيها مع متعلق النهي. فلا تكون من
__________________
(١) وهي المقدمة الثالثة ، راجع الحاشية المتقدمة في الصفحة : ٣٢٣ من هذا المجلّد.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١١٤ [ وقد ذكرت فيه العبارة بعنوان القسم الرابع ].