باب التزاحم إلاّ إذا قلنا بما هو المختار لشيخنا قدسسره من الجواز من الجهة الاولى والامتناع من الجهة الثانية ، فانّ الامتناع من الجهة الثانية يدخلها في باب التزاحم.
ولا ريب أنّ هذا ـ أعني الجواز من الجهة الاولى ـ مبني على عدم اتحاد متعلق الأمر بما هو متعلق النهي ، وأنّه لا تدافع بين التكليفين في حدّ أنفسهما ، وإنّما يكون التدافع بينهما في مقام الامتثال ، وهذا ـ أعني عدم التدافع بين نفس الحكمين وانحصار التدافع بينهما في مقام الامتثال ـ هو الملاك في كون المسألة من باب التزاحم ، ومن الواضح أنّه بعد فرض عدم التدافع بين هذين التكليفين في حد أنفسهما يكون التدافع بينهما في مقام الإطاعة والامتثال ، لما أفاده شيخنا قدسسره ممّا حاصله (١) أنّ الفعلين أعني الصلاة والغصب وإن لم يكونا متحدين من ناحية ذاتهما المعبّر عنها بالجهة الفعلية ، إلاّ أنّهما متحدان من ناحية الجهة الفاعلية. وهذه الجهة أعني الجهة الفاعلية هي مورد القبح المعبّر عنه في بعض كلماته قدسسره (٢) بالقبح الفاعلي ، وهما من هذه الناحية متحدان. وربما عبّر قدسسره عن ذلك بأنّهما متحدان من حيث الإيجاد وإن اختلفا وتباينا من حيث الوجود.
ولا ريب أنّ هذه الجهة أعني جهة الإيجاد أو الجهة الفاعلية هي عبارة اخرى عن مقام الإطاعة والامتثال ، فكان التكليفان حينئذ متزاحمين في مقام الامتثال ، فكانت الصلاة من هذه الجهة أعني جهة الامتثال التي هي عبارة عن جهة الإيجاد والجهة الفاعلية متحدة بالغصب ، فكان امتثال الأمر بالصلاة متحدا مع عصيان النهي عن الغصب ، فيكون مراده في هذا المقام
__________________
(١) [ في الأصل هنا زيادة : من ، حذفناها للمناسبة ].
(٢) كما في أجود التقريرات ٢ : ١٨١.