أما الأوّل فلأن النهي عن شرب الخمر بمعنى الردع عنه يلزمه الأمر بنقيضه الذي هو ترك الشرب. وأما الثاني فلأن النهي عن شرب الخمر بمعنى طلب تركه يلزمه الأمر بتركه ، على حذو ما قلنا في أن الأمر بالشيء يلزمه النهي عن نقيضه. ويزيد الطين بلة لو سرينا هذا التلازم إلى الضدين اللذين لا ثالث لهما ، بدعوى أن (١) أحدهما وإن لم يكن نقيضا صريحا للآخر إلاّ أنه ملازم لما هو النقيض كما افيد ذلك في ص ٢١١ (٢) وحينئذ يتحرج الموقف في الضدين اللذين لهما ثالث ، فانهما راجعان إلى الضدين اللذين ليس لهما ثالث ، فان كل واحد من الأضداد الوجودية وإن لم يكن بالقياس إلى الضد المأمور به من الضدين اللذين ليس لهما ثالث ، إلاّ أن الجامع بين جميع الأضداد الوجودية بالنسبة إلى ذلك الضد المأمور به من الضدين اللذين ليس لهما ثالث.
وما أفاده شيخنا قدسسره (٣) من الجواب عنه ـ أوّلا : بأن الجامع هو مفهوم أحد الأضداد ، وهو أمر انتزاعي لا واقعية له إلاّ نفس كل واحد من الأضداد الخاصة على البدل. وثانيا : بأنه لو سلّمنا كونه متأصلا لم تكن مناقضته لما هو المأمور به سارية إلى كل واحد من أفراده ـ لا يخلو من تأمل كما حررناه فيما علّقناه في هذا المقام على تحريراتنا ، فراجعه بما حرره عليه قدسسره بقلمه الشريف (٤).
والحاصل : أن الأمر بفعل خاص كالازالة موجب لكون ذلك الفعل
__________________
(١) [ في الأصل هنا زيادة : عدم ، حذفناه للمناسبة ].
(٢) حسب الطبعة القديمة غير المحشاة ، راجع أجود التقريرات ٢ : ٩ من الطبعة الحديثة.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٩.
(٤) مخطوط لم يطبع بعد.